;
ترجمة- شيماء نعمان
ترجمة- شيماء نعمان

الأزمة الاقتصادية ... هل تنهي حرب العراق؟ 954

2008-10-26 03:28:08

توني كارون- مجلة تايم



في ظل احتدام أزمة الاقتصاد العالمية، وما يعد انهيارًا في الاقتصاد الأمريكي، هل يمكن للولايات المتحدة أن تواصل تمويل حربي العراق وأفغانستان التي تعتمد في تمويلهما على نظام الائتمان (الدين)؟ أم تنهي مهمتها في العراق- التي ترى أنها صارت أكثر هدوءًا- وتولي اهتمامها صوب أفغانستان؟

وحول العلاقة بين الأزمة الاقتصادية وكيف يمكن أن تؤثر على وضع القوات الأمريكية في العراق، نشرت مجلة "تايم" الأمريكية مقالاً للصحفي "توني كارون" جاء فيه:

لقد أولى "جون ماكين"- مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية- خلال حملته الانتخابية اهتمامًا خاصًا بالتقليل من شأن تعهد "باراك أوباما"- مرشح الحزب الديموقراطي- بسحب جميع القوات الأمريكية المقاتلة في العراق في غضون 16 شهرًا من توليه مهام منصبه - إذا ما أصبح رئيسًا للولايات المتحدة. وطالما رفض ماكين بحزم تحديد موعد للانسحاب، معتبرًا أن فعل ذلك من شأنه أن يكون خضوعًا للانهزامية، وتعهد بدلاً عن ذلك بإعادة الجنود إلى وطنهم عندما يحققون النصر. وخلال المناظرة التي جرت يوم الأربعاء، اعتبر ماكين أن المفاوضين الأمريكيين والعراقيين يقتربان من التوصل إلى اتفاقية لحالة القوات، تحكم الوجود المستقبلي للقوات الأمريكية هناك، يعد تقدمًا.

غير أن الاتفاقية التي قيل إنهم يوشكون على الانتهاء منها تحدد، بالفعل، موعدًا للانسحاب؛ حيث إنها تتطلب، بناءً على إصرار العراقيين، أن تغادر كافة القوات الأمريكية أراضي العراق بحلول نهاية عام 2011.

إن الجدول الزمني لذلك ربما يكون أطول من الجدول الزمني الذي يشير إليه أوباما، إلا أنه يبدو أن العراقيين قد دفعوا إدارة بوش إلى قبول مبدأ تحديد موعد للرحيل. وتتطلب الخطة كذلك، بحسب التقارير، أن تنسحب القوات الأمريكية من المدن العراقية بحلول الصيف المقبل، إضافة إلى إلغاء أحقيتها في مواصلة عمليات احتجاز المواطنين العراقيين بالمعتقلات إلى أجل غير مسمى.

ولم يتم بعد إتمام الاتفاقية، بالطبع، حيث لا يزال هناك بعض نقاط خلاف بشأن حصانة القوات الأمريكية، ومطلب العراقيين بالحق في المراقبة على الأسلحة والمعدات العسكرية التي يتم إدخالها إلى البلاد "للتأكد من كونها ملائمة للمهمة الأمنية"، على سبيل المثال التأكد من أن أراضي العراق لا تُستخدم كمنصة انطلاق لأي تحرك أمريكي ضد إيران، وهو ما صرح به رئيس الحكومة العراقية "نوري المالكي" في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز".

وسيكون من اللازم مصادقة مجلس الوزراء على الاتفاقية وكذلك مجلس النواب العراقي، الذي ربما ستظل الاتفاقية تواجه فيه معارضة. وقد اقترح مسئولو الحكومة العراقية أنه من الممكن التفاوض على اتفاق جديد في عام 2011 إذا ما تطلبت الأوضاع ذلك. ولا يزال الاتفاق لا يدع مجالاً للشك في أن حرب العراق تقترب من نهايتها، ولا يعني هذا بالضرورة أن السبب هو تحقيق الولايات المتحدة لمعاييرها على الأرض. وتشير التقارير إلى أن تقييمًا جديدًا للاستخبارات القومية الأمريكية حول العراق - يهدف إلى توجيه رئيس الولايات المتحدة المقبل بشأن الوضع هناك - على وشك الانتهاء. وعاكسًا إجماعًا في الرأي بين وكالات الاستخبارات الأمريكية الستة عشر، فإن تقييم الاستخبارات القومية الجديد وفقًا للتقارير سوف يحذر من أنه على النقيض من الصورة الوردية للتقدم التي أكد عليها ماكين خلال جولاته الانتخابية، فإن الوضع في العراق لا يزال خطيرًا.

فعلى الرغم من انحسار وتيرة العنف إلى أقل مستوياتها منذ مطلع 2004، فإن مسئولي الاستخبارات الأمريكية يرون أن الزيادة التي تضمنت 30.000 جندي إضافي من القوات المقاتلة لم تكن سوى عامل مساعد. أما العوامل الرئيسة في عملية تقويض العنف ربما تكون مستقبلاً سببًا في مزيد من العنف وعدم الاستقرار؛ ويتضمن ذلك الهدنة التي أعلنها رجل الدين الشيعي المتشدد "مقتدى الصدر" والتحالف المناهض لتنظيم القاعدة - الذي شكلته الولايات المتحدة مع عناصر المقاومة السنية من "حركة الصحوة".غير أنه لا يزال هناك انعدام حاد في الثقة بين كلٍ من "حركة الصحوة"- والتي كان أكثر أعضائها من المواليين لنظام الرئيس الشهيد "صدام حسين"- وحكومة المالكي التي يسيطر عليها الشيعة.

ومن المرجح أن يؤدي التحرك الأخير الذي قامت به الولايات المتحدة لنقل السيطرة على ميليشيات الصحوة ومسئولية دفع الأجور إلى حكومة المالكي المركزية إلى تفاقم تلك التوترات.

في الوقت نفسه، تتواصل المنافسات السياسية الداخلية الشيعية بين الصدر، والمالكي، و المجلس الأعلى الإسلامي العراقي- وجميعهم تدعمهم إيران إلى حد ما - كما أنها قد تشتد حدتها خلال الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في وقت مبكر من العام المقبل. كما أن العلاقات بين بغداد ومنطقة الحكم الذاتي الكردية في الشمال لا تزال مضطربة، مع تصاعد حدة التوتر حول الوضع المستقبلي لمدينة كركوك الغنية بالنفط. وفي الواقع، فإن الجنرال "ديفيد بيترايوس"- الذي طالما نقل عنه ماكين في عرضه لموقفه من قضية العراق - قد حذر من أن المكاسب التي تحققت في العراق خلال العام الماضي "هشة"، و"قابلة للتحول". حيث إنه بينما شهد الوضع الأمني تحسنًا كبيرًا، انحسر التقدم في طريق المصالحة السياسية التي كانت الزيادة العسكرية تهدف لتعزيزها.

وقد يدعم ذلك التقييم حجة ماكين الرافضة للانسحاب السريع من العراق، على الرغم من حقيقة أن الحكومة العراقية طالبت به، ما يجعل الخلاف أكثر تعقيدًا. ومرة أخرى، إذا ما خلق الصراع العراقي الداخلي على السلطة انهيارًا أمنيًا جديدًا، ربما يجد العديد من الزعماء السياسيين العراقيين قيمة معتبرة في استمرار الوجود الأمريكي، إذا ما كان موجهًا ضد خصومهم. غير أن الوضع القائم على الأرض في العراق ربما لن يكون ما يحدد مستقبل مهمة الجيش الأمريكي هناك. وأحد أسباب ذلك، أن حالة الهدوء الهش في العراق تتزامن مع انبعاث خطير متصاعد لحركة طالبان في أفغانستان، الأمر الذي يزيد الضغط على الولايات المتحدة لتحويل المزيد من القدرات القتالية لجيشها المنهك إلى ذلك المسرح - وهو التزام عسكري أوسع يؤيده كل من "جون ماكين"، و"باراك أوباما". إلا أن ضخ المزيد من القوات إلى أفغانستان سوف يتطلب تخفيضًا لها في العراق.

ثم، فهناك الأزمة المالية والكساد العالمي الذي سيفرض حتمًا على واشنطن حالة أكبر من التقشف. إن الانتشار العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان من المتوقع أن تقترب تكلفته لعام 2008 فقط من 200 مليار دولار، واستمرار مثل ذلك الالتزام سوف يصبح أكثر وطأة مع اضطرار واشنطن إلى توجيه مئات المليارات من الدولارات من أجل فقط تجنب الانهيار المالي. كما أن أزمة الكساد الاقتصادي العالمي التي تلوح في الأفق سوف تزيد من تقلص الإيرادات الضريبية المتاحة للحكومة الأمريكية.

ومنذ عام مضى، قدر مكتب الميزانية التابع للكونجرس أن تصل تكلفة تمويل حربي العراق وأفغانستان من عام 2001 إلى عام 2017 إلى نحو تريليوني دولار أو أكثر-- متضمنًا نحو 705 مليار دولار كمدفوعات فائدة في اعتراف بحقيقة أن الحرب يتم تمويلها بأموال مقترضة. (وعادة ما ترفع الدول من ضرائبها من أجل تمويل النزاعات العسكرية طويلة الأمد؛ أما إدارة بوش، باقتطاعها للضرائب، كان عليها اللجوء إلى الاستدانة من الآخرين لشن حروبها). إن أزمة الائتمان والتباطؤ الاقتصادي الراهنة سوف تزيد إلى حد بعيد الضغوط على الدين القومي للولايات المتحدة، والذي نما فعليًا من نحو 6 تريليون دولار في عام 2001 إلى ما يقرب من 10 تريليون دولار اليوم.

إن الأزمة المالية في حد ذاتها ليست كافية في الوقت الراهن لتعجيل سحب للقوات من العراق، لكن حقيقة أنها تأتي متزامنة مع تقييم استخباراتي قاتم بشأن المستقبل السياسي لذلك البلد، وكذلك تنامي الحاجة إلى تعزيزات أمريكية في أفغانستان، إلى جانب إصرار الحكومة العراقية على تحديد موعد نهائي للانسحاب الأمريكي، جميع ذلك يُنبئ ضمنًا أن نهاية المهمة الأمريكية في العراق تلوح في الأفق، وأن إنجازاتها ربما لن تبلغ تحقيق النصر بمعناه الذي حدده مهندسو الحرب.<

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد