ممدوح طه
بالأمس استعرضنا هنا بعض الأرقام التي تشير في العلاقات الدولية إلى بعض مواطن الخلل، وعلى الرغم من معرفتنا أن لغة الأرقام قد تثير الملل، إلا أننا ندعوكم لمواصلة هذا الدواء المر عله يفيد في تجنب ما هو أمرَ.
خصوصا إذا تعاطاه الاقتصاديون العرب الذين يعدون للقمة العربية الاقتصادية الاجتماعية الأولى في الكويت الشهر المقبل لمحاولة تجنيب الوطن العربي المزيد من الأمراض، وإذا تعاطاه السياسيون والاقتصاديون الغربيون في الدول الشمالية الكبرى المسئولة بدرجة كبيرة عن مقدمات هذه الأزمة وبالتالي المسئولة عن نتائجها، وعن إيجاد الحلول الصحيحة العادلة والأمينة لما يعانيه اقتصاد العالم والدول الجنوبية من أمراض رأسمالية المنشأ أبرزها الظلم والنصب والطمع، وهنا نواصل قراءة الأرقام الصادمة.
كلفت آخر جولات التجارة دول شبه الصحراء الإفريقية خسارة ما يعادل 600$ مليون دولار يوميا، مما حدا بثلاثين دولة إفريقية التوقيع على بيان ضد الاتفاقيات التجارية العالمية. . «هذه هي العولمة التجارية»
12 دولة فقط من أصل 29 من الدول الأكثر فقرا تملك مكتبا لها في منظمة التجارة العالمية؛ لأنها ببساطة لا تملك تمويل تكاليف مكتب في سويسرا. ! كما يجرى الضغط على الدول الفقيرة وتهديدها بقطع المعونات بأساليب الرشوة أو التهديد لتمرير القوانين لصالح الدول الكبرى باعتراف المنظمة نفسها !. .
«تماما مثل تكاليف الديمقراطية السياسية على الطريقة الأميركية حيث لا يملك الفقراء خيار التصويت أو إمكانية الترشح لعدم القدرة على تحمل تكاليف الحملات الانتخابية الباهظة». !
ضاعفت الدول الصناعية حمايتها للدعم الزراعي، لأنه لو فتحت الدول الغنية أبوابها لاستيراد منتجات الدول الفقيرة والنامية لازدادت صادراتها بما يقارب $700 مليار دولار (حسب تقرير التجارة والتنمية في منظمة الأنكتاد 1999). . «هذا هو تحرير التجارة التي يصدعون رؤوسنا بها»!
تفرض الولايات المتحدة مثلا تعريفة جمركية على السكر تصل إلى 151%، وفي غرب أوروبا 176%، و278% في اليابان، بينما لا تفرض أوغندا سوى 25% ولا زالت الدول الصناعية تضغط عليها لتخفيض الحواجز الجمركية والتي ستؤثر في 250 ألف أوغندي يعيشون على تصنيع السكر. . «الأغنياء لا يشبعون غنى والأدهى على حساب الفقراء».
ازدادت الأصول الثابتة لأضخم 100 شركة عابرة للقارات بما يعادل 697% مابين عامي 1980 و1995، بينما انخفض عدد العمال في تلك الشركات. «في سبيل تحقيق الأرباح وزيادة الثروة» ولتسقط الإنسانية» !
هناك فقط 6 شركات ضخمة تسيطر على الإعلام الأمريكي (1983 كانت هناك 50 شركة إعلامية) مما يجعل حرية التعبير محاصرة و تحابي الشركات المعلنة على حساب العدالة بشكل عام والعدالة التجارية منها بشكل خاص. . «هذه هي حرية التعبير الملاكي الخاص»!
أعلنت منظمة التجارة العالمية أن هناك أكثر من 1500 خطأ في اتفاقية الجات كلها كانت على حساب الدول النامية. . «هذه هي العدالة بمعايير الكبار» !
احتكرت الدول الصناعية 97% من حقوق الملكية في العالم و80% من حقوق الملكية في الدول النامية، حتى إنه من أصل 26088 طلبا لحقوق الملكية مابين عامي 2000 و2001 لم يكن هناك سوى 31 طلبا من إفريقيا. . «فقط 97% احتكار، ولماذا لا يكون !100%» ؟!
كل هذه الأوضاع الاقتصادية المختلة بتأثيراتها الاجتماعية المختلة لا تنتج فقط من اختلال اقتصادي أو سياسي، بل هي في الأساس ناتجة من فقر أخلاقي وإنساني في النظام الدولي. <