سعد علي الخفاشي
فجأة وجد نفسه هدفاً من أهداف الموت تهدده بنادق الغدر ومتفجرات وقاذفات الخيانة في كل لحظة وتطارده المنايا حيثما اتجه، فمنذ اليوم الأول لحرب التمرد والضياع التي أشعلتها الجماعات الحوثية الخاسرة وهو وكذلك أفراد أسرته أبناء قريته الوديعة الهادئة يعيشون حالة من الضياع والتسكع لا يدرون أي مكان أو ملجأ ينفذون إليه لاتقاء خطر الموت الذي يطاردهم في كل لحظة وفي كل مكان من منطقتهم الريفية التي أصبحت مسرحاً لجرائم القتل والتنكيل وحرب الضياع تحت سيطرة تلك العصابة الإرهابية القذرة التي تجردت من كل مشاعر الإنسانية، وأصبحت بجبروتها وهمجية أفعالها تطارد كل فرد من أفراد محافظة صعدة المنكوبة بتلك الفئة الضالة والتي نغصت حياة كل فرد وأسرة وأزهقت أرواح الكثيرين من الأبرياء وروعتهم ودمرت قلوبهم وعقولهم وشتتتهم في كل البقاع والشعاب البعيدة والشاقة ونتيجة لذلك فقد قرر الفرار بنفسه وأفراد أسرته الطيبين إلى أي مكان من أرض الوطن بحثاً عن الأمن والسكينة وفراراً من شبح الموت المخيف الذي أصبح يطاردهم في كل مكان بعد أن دمرت معظم منازلهم وعبثت بمزارعهم وأراضيهم الخصبة وأشجار الرمان المثمرة!! وبعد أن قطعت عنهم كل سبل العيش بسبب هذه الحرب الخاسرة التي أزهقت الأرواح وقطعت أرزاق الناس، وتمكن مع أخويه وزوجاتهم وأطفالهم وأمه العجوز من الفلات من شبح الموت الذي يطاردهم في كل مكان بعد نزوحهم بما استطاعوا حمله من مدخرات وأثاث وملابس من منطقتهم بل ومن محافظة صعدة بأكملها إلى العاصمة صنعاء حيث اعتقدوا أنهم سينعمون بمتعة العيش الهانئ بعيداً عن أي منغصات تؤرق مضاجعهم بعيداً عن فجائع الموت وبنادق الغدر ومتفجرات الخيانة التي حلت محل أشجار الرمان المثمرة، وفي العاصمة صنعاء صدموا بواقعً آخر لم يكن في تصورهم أن يجدوا أنفسهم يعيشونه ويعانون من تبعاته في أي يومً من الأيام، ذلك وأنهم ومنذ اللحظة الأولى لنزوحهم من محافظتهم المدمرة "صعدة" ومعاناتهم تزداد من لحظة لأخرى، فعند كل نقطةً أمنية كانت تمر عبرها سيارتهم وهم يخضعون لإجراءات تفتيشية مشددة وغير محتملة لا لشيء إلا لأنهم من محافظة صعدة ولهذا السبب فإن الاحتياطات الأمنية تستدعي مثل تلك التشديدات تحسباً لأي وافدً من صعدة رجلاً كان أو امرأة ربما يكون إرهابياً حاقداً من جماعات القتل الحوثية، وفي مدينة صنعاء انسدت أمامهم كل المنافذ وأغلقت في وجوههم كل الأبواب، فما من فندق أو مجمع سكني للشقق المفروشة لجؤوا إليه للمبيت أو الإقامة فيه حتى لليلة واحدة إلا وقوبلوا بالصد ورفض استضافتهم ما أن يتأكدوا من هويتهم.
فالخوف من نقمة الإرهاب والتمرد الحوثية جعلت من الجميع في كل المدن اليمنية يعملون ألف حساب لأي مواطن ينتمي لمحافظة صعدة اعتقاداً منهم أن كل من ينتمي لهذه المحافظة الأبية ينتمي لجماعات الإرهاب والتمرد الحوثية.
ولذلك فإنهم لم يتمكنوا من الحصول على مأوى مناسب يبيتون فيه مع عوائلهم وأطفالهم إلا بعد جهدً، فاللعنة الشيطانية التي بليت بها محافظتهم لم تدعهم يهنؤون بحياتهم في كل مكان يلجؤون وأصبحت تطاردهم في كل مكان وتنغص راحتهم وتعكر صفو سعادتهم، ولم تقتصر على تبعات تهجيرهم وتشريدهم من قراهم ومناطقهم وتدمير مساكنهم وإتلاف مزارعهم وإزهاق أرواح مواشيهم وأطفالهم ونسائهم!!
وتلك هي مصيبة الضياع التي مني بها أبناء محافظة السلام والصمود محافظة صعدة بسبب ذلك السرطان الحوثي الخطير!!<