طه العامري
منذ اللحظة التي انطلقت فيها أساطيل ومدمرات الهمجية والغطرسة تجوب البحار والمحيطات وتستبيح سيادة دول وشعوب وتنتهك وتقتل وتحتل وتدمر , لم تنقطع مزاعم الرئيس بوش من القول بالوحي الرباني الذي كان يهبط عليه وكان يرافق مدمراته وأساطيله باعتبارها معدات مأمورة من _الرب_ وهكذا وصل _بوش_ بحقده إلى _بغداد_ وبقلب أسود ليقابله في عاصمة الرشيد طابور بل آرتال من أصحاب القلوب السوداء والعقول السوداء والملابس والعمائم السوداء فكان السواد عنوان لمرحلة من الهمجية مارست فيها قوى الشر كل صنوف العربدة والكذب والدجل والشعوذة , حتى كان دافع بوش من غزو العراق هو ترقب لحظة نزول _المسيح المنتظر _ فيما أتباعه وعملائه بدورهم يترقبوا _المهدي المنتظر _ وبعد كل سنوات الحقد والنكد والدم والفوضى والخراب وفي لحظة انتشاء كل الأطراف بنصر مزعوم وهي لحظة الخاتمة والتباهي لرئيس أميركي تفرداً في إدارته وفي بدايته ونهايته , في هذه اللحظة التاريخية بكل معنى ودقة ومفهوم فوجئ الجميع الذين يترقبوا _المسيح المنتظر_ والمهدي المنتظر _ بحذاء منتظر_ هوت على هامات استباحت كل القيم والأخلاقيات وتحصنت خلف الأساطيل والمدمرات والعربات المدرعة وجواسيس لا حصر لهم ومخبرين ما أكثرهم ومع كل هذا جاء _حذاء منتظر_ لتنسف كل تاريخ هؤلاء وتفضح كل مزاعمهم وتخترق كل تحصيناتهم الأمنية والاستخبارية وللاختراق فوائده في سياق رغبتنا في الكشف عن دوافع غزو العراق الكاذبة باعتراف بوش وأقطاب إدارته , ولما نحتاج بعد واقعة _الحذاء_ لأدلة وبراهين ودلائل وشهود فالواقعة تكفينا لنسف كل معلومات تصدر عن أميركا التي لم تتمكن أجهزتها الخارقة من حماية رئيسها وجعله يتقي شر حذاء كانت أو تحولت في لحظة أعظم من أساطيل بوش ومدمراته وأجهزته التي سقط لحظة سقوط الحذاء على هامات بوش الذي وبدافع من تقديره واحترامه للحذاء العربي أنحنى أمامها بدافع التقدير والتبجيل إدراكاً منه واعترافاً بأن الحذاء البسيط صنعت ما لم تصنعه زعامات الأمة وكتاباتها وقنواتها وإعلامها ومقاوميها إذ لم يشهد العلم عبر التاريخ فعل مقاوم بليغ وبسيط وغير مكلف ولا يحتاج لخطط وتنظير ودراسات فالأمر لا يحتمل أكثر من فرد بإرادته ليصنع ملحمة تاريخية سلاحها الإرادة ورأسمالها _فردتي حذاء _من المتاح والجاهز والمتيسر والتي لا تتطلب من صاحب الإرادة غير خلعها من رجليه ومن ثم إلقائها إلى وجه من يستحقها وفق شعار _الحذاء المناسب في الوجه المناسب _..؟؟
ما يعنيني هنا هو رغبتي في توجيه رسالة _لسفراء أميركا _ في بلادنا وفي كل بلدان العالم ملفتاً عنايتهم إلى أهمية الخوض في تفاصيل التعبيرات التي دلت وتدل عليها واقعة _الحذاء _ وما تعني في الأدب العربي وفي الفهم والقيم والتعابير المجازية والدلالية العربية , أملا خاصة من السفير الأميركي في بلادنا الذي يبدو متمسك بمكانته ومتوهم أنه مندوباً سامياً وليس سفيرا عليه احترام الأعراف والتقاليد الدبلوماسية والعمل وفق القانون اليمني ومراعاته تجنبا لكثير من الظواهر والاحتمالات ومنها سلاح _الأحذية_ الذي دخل الخدمة السياسية وطنياًَ وقومياً وإنسانياً وحضارياً على يد الصحفي العربي منتظر الزيدي , وحتى يتجنب كل مسئول أمريكي عواقب رد الفعل على سياسة الغطرسة والهيمنة على هؤلاء المسؤولين التأمل في واقعة _الحذاء _ ورسالتها ودورها في سياق الفعل الإستراتيجي مع العلم أن سلاح الأحذية ليس محرماً ولا يمكن استصدار قرارات دولية لتجريدنا منه فهوا السلاح المتاح لبسطاء الأمة وأحرارها ولكنه ما يفعله هذا السلاح لم تفعله كل أسلحة الدمار الشامل والمدمرات والأساطيل وحتى المقاصل يمكن أن تكون متواضعة أمام ضربة _حذاء _في لحظة طمأنينة وشعور بالثقة لتأتي صفعة الحذاء مدوية قالبة كل الأوراق وناسفة كل المحطات ومعطلة لكل النوايا وفاضحة لكل المزاعم فوالله لو كتبنا ألف كتاب وترجمنا هذه الكتب ووزعنها على الشعب الأميركي والأوروبي لما أوصلنا بعضاً بسيطاً من الرسالة التي بلغتها _حذاء منتظر _ ..!!
فهل يتعظ السفير الأميركي في بلادنا ويحترم التقاليد والأعراف الدبلوماسية ويتأمل في صورة رئيسه وكيف آل إليه فلسنا بحاجة لمن يدلنا كيف ندير مصالحنا ونحافظ على وطننا وتحولاتنا وبعد اليوم على سفراء أميركا أن يتأدبوا ويحترموا علاقة الشعوب الحضارية وقيمها وقوانينها وتقاليدها حتى لا تسود لغة الأحذية التي لا تكلف شيئا ..!! فهل وصلت الرسالة وفهمت ..؟
أم أن التفكير بالمقاس يطغي علي المشهد..؟؟
ameritaha@gmail.com