;

ما قيمة المواطنة بدون انتماء 810

2008-12-18 03:48:03

عبدالباسط الشميري

بالأمس القريب توقفت عند مقال لكاتب بريطاني يطالب فيه العرب وبقوة تحويل ثروتهم إلى نفوذ سياسي وفقاً للمقاييس العالمية، وحقيقة أن أكثر ما أدهشني في هذا المقال هو الخلاصة التي أوردها الكاتب في نهاية المقال بعد أن وبخ صانعي القرار العربي لعدم استخدامهم الثروة للضغط على واشنطن لتغيير سياساتها وهي التي حسب وصفه تتجاهل مصالحهم بانحيازها الكامل لتل أبيب، ويتساءل الكاتب وباستغراب شديد قائلاً: "ولماذا يبدو العرب وكأنهم يركزون اهتمامهم وجل طاقتهم على التجارة وعلى تحقيق مزيد من الثروات مع ترك مصائرهم في أيدي القوى الأجنبية إلى حد كبير؟" الكاتب البريطاني "باتريك سيل" وفي ختام المقال وجه النصح للعرب موضحاً لهم واقع العالم الذي يعيشون فيه والذي حسب وصفه يجب أن يلموا بتفاصيله وبحقائقه الجديدة، وأن يتنبهوا إلى أن بترولهم مصدر ناضب من مصادر الثروة، وأنهم بحاجة لأن يكونوا أكثر حرصاً على عدم إضاعة دولار واحد من مداخيل النفط المنهمرة عليهم، وطالب "سيل" العرب أن يبدؤوا في بناء اقتصاد ما بعد الحقبة النفطية لكن قبل ذلك هم بحاجة حسب قوله إلى ترجمة لثروتهم من خلال الرؤية الواضحة والذكاء الثاقب والإرادة القوية وتحويل ذلك إلى نفوذ سياسي من أجل حل العديد من الصراعات التي تستنزف طاقاتهم وتدمر شعوبهم وتحول بينهم وبين احتلال المكانة التي يستحقونها في هذا العالم، بالمقابل وتحت عنوان رؤية ومنهج تساءل الكاتب العالمي "جيم هاريس" في أحد إصداراته عما يلي: "ما الذي أجبر عشرات الآلاف من قدامى المصريين على أن ينكبوا نحو عشرين عاماً على بناء هرم يربو عدد حجاراته على "2" مليون حجر ويزن أصغرها نصف طن؟ هل هي السخرة؟ هل هو كسب لقمة العيش؟ أم هي الرؤيا المشتركة والهدف الأعلى الذي يؤمنون به من أصغر عامل إلى أكبر مهندس إلى الفرعون نفسه؟ ويضيف إن عملاً كادحاً بلا رؤية يضحي عبودية ورؤية بلا عمل تظل حلماً وسراباً، أما الرؤيا التي تمتزج بمنهج عمل فهي مطلبنا لأنها رؤيا تفجر الطاقات"، فهذا أب لا يفتأ أن يصيح في وجه ابنه "استذكر دروسك .. استذكر دروسك"، وآخر يلح على ابنه "اجعل التفوق هدفك"، بينما ثالث يقول للابن "ينبغي أن تستذكر دروسك لأن المذاكرة هي الطريق لتحقيق التفوق الذي تنشده".

فالأب الأول يقدم لنا نموذج العبودية "منهج بلا رؤية"، والثاني يقدم نموذج الحلم "رؤيا بلا منهج"، أما الأب الثالث فيمثل نموذج الرؤية الممتزجة بمنهج عمل.. إذن هي الرؤية المفجرة للطاقات، والرؤية ليست مجرد أهداف هلامية لكنها فلسفة ومنهج واضح ومحدد يمكن تلخيصه في عبارة واحدة يفهمها العقل وتستقر في القلب فتكون باعثاً ومحركاً يستحق بالفعل النهوض مبكراً وترك دفء الفراش في أيام الشتاء الباردة والإسراع إلى العمل.. ثم تأتي بل تبرز الأسئلة التي تفرض نفسها فرضاً على واقعنا والتي منها لماذا تتعثر عشرات الخطط والبرامج العربية وتتراجع حيث يجب أن تتقدم؟ ثم أين هي مشاريع التخرج التي يعكف عليها الشباب في جامعاتنا؟ أين ذهب الحماس والانهماك؟ أين ذهب التطلع نحو الأفضل؟ أين ذهب الكفاح المشبوب بالأمل؟ هل خفت الحماس أم ماتت القيم وتبخرت الأحلام على مسرح الروتين والخوف من الخطأ والشعور بالغربة؟ ويعود السيد "جيم هاريس" ليقول إن القلب هو الذي بنى الاهرامات وهو الذي صعد إلى الفضاء! ونحن نتساءل وهل أغلقت أبواب القلوب ليحل هذا الواقع المزري؟ لكن علماء النفس يقولون إنهم لم يكتشفوا شعوراً سلبياً يحطم المعنويات ويؤصل جذور اللامبالاة قدر الشعور بالعزلة والاغتراب، كما أنهم لم يجدوا شعوراً إيجابياً ينجز المسؤوليات ويتخطى الخلافات ويتحدى الأزمات قدر الشعور بالتلاحم والانتماء.. تستطيع أن تحلم وأن تبتكر وتستطيع أن تخطط وتبني ولكن وبحسب "هاريس" لن تستطيع تحويل الحلم إلى حقيقة بدون الناس.. وختاماً ما قيمة المواطنة بدون انتماء وما حاجتنا للحلم في ظل تشتت الانتماءات وفقدان الهوية وإلى هذا الحد الذي نرى؟

abast 66 @ maktoob.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد