حسن بن حسينون
من الأمثال العربية الدارجة مثل يقول "الجنازة كبيرة والميت فار"،اكتشفت الطاقة النفطية في البلاد العربية بكميات هائلة وبالذات في منطقة الجزيرة والخليج منذ عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، ألا إن هذه الثروة بالإضافة إلى الغاز الطبيعي وبقية المعادن الأخرى وبدلاً من أن تصبح هذه الثروات نعمة على الوطن العربي وشعوب الأقطار العربية في مختلف المجالات الثقافية والصناعية والأمن والاستقرار فقد تحولت بدلاً عن ذلك إلى نقمة خاصة أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي والتي لا زالت ولكن بأشكال وأساليب جديدة وظلت عيون الجميع على مصادر الطاقة والتنافس بين المتنافسين الكبار لمن لديه القدرة في كسب من هبطت عليهم هذه الثروات الطبيعية فجأة دون أن تكون لديهم أية مقدمات اقتصادية ثقافية كانت أم زراعية وصناعية وفي ظل جهل وأمية عامة وشاملة نتجاوز ال "98%" من شعوب تلك الأقطار، وقد جاءت تلك الاكتشافات والاستخراج لتلك الثروات على يد الشركات التابعة للقوى الاستعمارية الكبرى وخاصة الأوروبيين والأميركيين ولا زالت تسيطر على سيادة واستغلال تلك البلدان وعلى مستقبل ومصير تلك الثروات والتحكم بعائدئتها النقدية: المشاركة في الانتاج وتقديم الخبرات، وكذا الارتباط بالعلاقات الإستراتيجية في مختلف المجالات بما في ذلك عقد الاتفاقات والصفقات التسليحية التي تعد بمئات الآلاف من المليارات في المجالات المختلفة برية وبحرية وجوية تذهب جميعها سدى مع مرور الوقت بعد أن يأكلها الصدى في الصحاري والجبال وداخل مستودعاتها وعند ذلك تعود من حيث أتت لإعادة تصنيعها من جديد مرة ومرات، لا يقتصر هدر تلك الثروة عند هذا الحد، بل إن الجزء الأكبر منه يذهب على استئجار القواعد والأساطيل على أراضيها لعقود وسنوات ولا زالت جاثمة حتى الوقت الحاضر في أكثر من قطر عربي.
أما ما ينفق من عائدات النفط والمصادر الأخرى على التآمر العربي الصربي برعاية وتوجيه قوى استعمارية كبرى طيلة العقود الستة الماضية فحدث ولا حرج، وإنني استطيع التأكيد هنا بأن كل المتآمرين والمؤامرات قد لعبوا ولعبت الدور الأساسي في إضعاف هذه الأمة وأوصلها إلى ما هي عليه اليوم من تخلف في كافة الميادين كان يمكن ومن خلال امتلاكها لهذه الثروات الطائلة أن تكون في مقدمة الشعوب والدول الصناعية الكبرى في العالم، ولكن القوى الاستعمارية الكبرى والكيان الصهيوني ومعهم المتخلفين والقوى التقليدية الحكام لا يمكن لهم أن يسمحوا بذلك وإصرارهم على أن تبقى الشعوب والأقطار العربية في تخلف عام وشامل.
أتذكر عند الإعداد لإخراج القوات العراقية من الكويت قام وزير الخارجية الأميركية بيلر بجولة مكوكية واللقاء بالزعامات العربية طلباً للدعم المالي لقوات التحالف، فما كان من أحد حكام الخليج إلا أن كتب وعلى الماشي شيك بأربعة مليارات دولار تسلم لذلك الوزير، هنا نعطي إشارة عابرة كيف يتم العبث بثروة الشعوب العربية من قبل الحكام دون حسيب أو رقيب وكأنها ثروة خاصة بهم وملك من أملاكهم كل ما تتجه الأرض براً وبحراً.
وفي المقابل عندما انتهت تلك الحرب وإخراج القوات العراقية من الكويت وفي إحدى زيارات ذلك الوزير الأميركي ولقائه بأحد الرؤساء العرب طلب من الأخير أن تشطب الإدارة الأميركية مائتي مليون دولار من الديون التي على بلاده، فما كان من ذلك الوزير إلا أن رد بالقول بأن ذلك ليس من صلاحياتي ولا من صلاحيات الرئيس الأميركي وإنما من صلاحيات الكونجرس الأميركي ويمكن التواصل حول ذلك عبر القنوات المعروفة والطرق المتبعة.
ختاماً الله يكون في عون العرب والمسلمين جميعاً ويقيهم شر التآمر والمتآمرين إنه سميع عليم. <