عصام المطري
عندما حقق الاتحاد السوفيتي سابقاً سبقاً على الولايات المتحدة الأميركية في ارتياد الفضاء، عزت الثانية سر هذا البقاء عليها إلى قصور في التعليم، وعندما دوخت أميركا أزمةً اقتصادية حادة ذات مرة أرجع خبير اقتصادي بارز سبب الأزمة إلى قصور في التعليم أيضاً.
لذلك انبرت الولايات المتحدة الأميركية إلى الاهتمام بالتعليم اهتماماً بالغاً، وكان أن حققت نمواً تعليمياً وتربوياً غير عادي أهلها إلى غزو القضاء في العصر الحديث، فالتعليم في الدول التي تعد في مصاف الدول المتقدمة يحظى باهتمام كبير ذلك أن التعليم بوابة مشرعة إلى المستقبل الجميل الوضاء، وبالتعليم وحده يستطيع المرء أن يحقق أعلى قدر من مبتغاه، فهنالك استراتيجيات عميقة للتعليم، ومناهج ومقررات دراسية تناسب عقول التلاميذ، ووظيفة المدرسة في الغرب هي إخراج المواطن الصالح المصلح الذي يتحمل أعباء البناء ويخدم أمته بكل تفانٍ وإخلاص.
فالتعليم في الدول التي تعد في مصاف الدول المتقدمة تعليم مخطط ومبرمج له، ويتم تأهيل الكادر التعليمي والتربوي بصورة مستمرة وفق المتغيرات، وما يطرأ من مستجدات في حقل التعليم والتربية، والمعلم هنالك يحظى بمكانة اجتماعية، سامقة فهو بدرجة وزير ومؤهل تأهيلاً عالياً حيث لهم مواصفات دقيقة في اختيار العاملين في التعليم منذ التأهيل الأول، والتعليم هناك يحظى بدعم الدولة، ويتضاعف الإنفاق عليه إذ يفوق الإنفاق على التربية والتعليم أي مجال آخر.
إن التعليم في بلادنا تعليم وفاشل بشهود الحوادث، فهذا طالب جامعي لا يعرف القراءة، وآخر طالب الصف الخامس الأساسي لا يستطيع التفريق بين أشكال الحروف، فكيف تم تصعيد هذا الطالب حتى وصل إلى الصف الخامس، إنها مشكلة التعليم الفاشل في بلادنا الذي تسيطر عليه عصابة بعينها، فإذا تم القضاء على تلك العصابة، فبذلك يمكن له أن يحقق تطوراً ملحوظاً، فهو تعليم "بالبركة" وليس مبرمجاً أو مخططاً له وإنما بالعافية.
لقد راعني مستوى التعليم المتدني في البلاد، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من صناع القرار ، فالمناهج الدراسية يصعب على المعلمين فهمها، فهي معقدة ولم تتطور، بل سارت إلى الخلف بفعل اللصوصية في التعليم، المهم أن تنفق المليارات تلو المليارات في مناهج معقدة يضجر منها ولي الأمر حينما يأتي إلى مراجعة دروس ابنه، فلا بد من إعادة النظر في المناهج والمقررات الدراسية، وتشكل لجنة لإعدادها وصياغتها بما يتناسب ومستوى التحصيل العلمي للطالب، وتكون ذات هدف وفائدة.
وإذا كانت المناهج والمقررات الدراسية هي العائق أمام تطوير التعليم فثمة عوامل أخرى أدت إلى فشل التعليم في البلد ، وعجزت المدرسة عن إخراج المواطن الصالح المصلح، فهنالك مثلاً المباني المدرسية، فالمدارس في الريف تحت ظل الأشجار، وفي العشش، أذكر أني قمت بالتدريس في محافظة تعز في عمارة ضيقة فما بالك بالأرياف، فأين يا ترى المليارات التي تنفق بلا حساب، ولا تبنى بها مدارس مؤهلة للطالب يمكن أن تساهم في تطوير ورقي التعليم في البلاد؟! فالتعليم فاشل، ولم يُؤتِ أُكله، والعاقبة للمتقين. . والله من وراء القصد.
