احمد عمرابي
ما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يماثل جرائم الحرب التي ارتكبها النازيون. هذا هو ملخص الشهادة التي ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي ريتشارد فولك المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
وتكتسب هذه الشهادة مصداقية إضافية إذا أخذنا في الاعتبار أن فولك ليس فقط مسؤولاً دولياً على مستوى عالٍ وإنما هو أيضاً أميركي الجنسية، يهودي المنشأ. لذا، فإن الشهادة تقودنا تلقائياً إلى التساؤل القديم الجديد: ما هو الإرهاب؟
في كتابه المعنون «الهيمنة أم البقاء» يتناول المفكر الأميركي المعاصر نعوم تشومسكي (وهو أيضاً يهودي) هذا التساؤل يتوسع مركزاً على «إرهاب الدولة»، يعود بنا تشومسكي أولاً إلى عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان الذي استهل أعماله في مطلع عقد الثمانينيات من القرن الماضي بتبني «إرهاب الدولة» كسياسة أميركية رسمية. . وكانت بداية التطبيق على الجوار الجغرافي في بلدان أميركا اللاتينية بهدف تصفية منظمات المعارضة المناوئة للنفوذ الأميركي في المنطقة عن طريق مذابح بالجملة وإقامة معسكرات للتعذيب المنظم. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم انتشر تطبيق سياسة إرهاب الدولة في أنحاء العالم على أيدي الرؤساء الأميركيين المتعاقبين بمن في ذلك جورج بوش الابن.
ويبقى السؤال: ما هو تعريف الإرهاب، وكيف يختلف الإرهاب عن العدوان أو المقاومة؟ يقول تشومسكي إنه بينما تتحاشى الإدارات الأميركية المتعاقبة التطرق إلى هذا السؤال مفضلة إبقاء الإرهاب غامضاً بلا تعريف رسمي، فإن هناك تعريفاً «ضمنياً» تواضعت عليه الطبقة الحاكمة الأميركية وهو الآتي: «الإرهاب هو كل ما تعتبره أميركا إرهاباً» ومعنى ذلك ومغزاه أن «الحرب على الإرهاب» ظاهرة متحركة بلا توقف.
هناك تجربة سابقة في السيرة الذاتية لظاهرة إرهاب الدولة يبدو أنها التي اقتدت بها الولايات المتحدة، وهي تجربة حكم الأقلية البيضاء العنصرية في جنوب إفريقيا ضد الحركة الوطنية لأغلبية السود بقيادة حزب «المؤتمر الوطني الإفريقي» بزعامة نيلسون مانديلا.
خلال هذا العهد المشؤوم، ضربت الأقلية البيضاء رقماً قياسياً في القمع الدموي، فقد بلغ الضحايا من القتلى السود مليوناً ونصف المليون. وبينما كان العالم بأسره يقاطع حكم الأقلية البيضاء، شذّت عن هذه المقاطعة دولتان: إسرائيل والولايات المتحدة.
لكن تلك لم تكن نهاية القصة، فحتى اليوم تدعم الولايات المتحدة إرهاب الدولة الإسرائيلي في فلسطين، والهندي في كشمير، بينما تصنّف حركات المقاومة الوطنية التحررية ضد الاحتلال الأجنبي كمنظمات إرهابية.
