;

فرنسا هي راعية الحقد الصليبي 1020

2008-12-27 04:03:31

سراج الدين اليماني

قد قدمت لك في العدد الماضي أن المبشرين - المنصرين من الصليبيين الفرنسيين والأوروبيين بعد أن رأوا أنهم لا يستطيعون أن يسيطروا علينا من خلال قوة السلاح وضخامة ترسانتهم الحربية وأن خططهم الحربية باءت بالفشل الذريع ومنيت بالخسائر الضخمة فكروا لنا بحيلة أخرى ألا وهي الحملات التنصيرية لكي يثنوا المسلمين عن دينهم ونجحوا في ذلك نجاحاً منقطع النظير لأنهم استطاعوا أن يزرعوا لهم ربائب وإماء في دول الإسلام بلون الدم العربي المتعفن وبلون اللسان العربي المتريص وبلون الجسد العربي المتنجس بالأرجاس، لكن مما يشتد بطلانه أننا نتصور أن التنصير بمعزل عن الغزو الحربي الترسانة الحربية الضخمة التي يمتلكها الصليبيون والغزو الاقتصادي المنهار والهش والغزو الفكري المفعم بالشرور والعداء لأبناء الأمتين العربية والإسلامية والغزو السياسي المراوغ كروغان الثعلب، وعن محاولة الجنس الأوروبي أن يخضع الأمم لسيطرة تدوم ما دامت له حضارة، وأشد بطلاناً منها جميعاً أن يخطر ببال مسلم أن التنصير قد غاب عن كثير من الدعوات والحملات التي قام أصحابها ينادون بضروب الإصلاح في بلاد الإسلام وأنه يضع إصبعه ليحول معنى الإصلاح إلى معنى الهدم والتدمير والتحطيم ومن صدق النية واطلع على كتب المنصرين أنفسهم عرف أن أكثر الحركات السياسية والاجتماعية قد لونت بمكره الخفي، وأنه لم يغب عن شيء من الحركات الوطنية أو القومية أو الثقافية بل كان من ورائها عاملاً يقظاً شديد الخفاء بليغ الأثر يتزيا بكل زي على اختلاف الأمور لابساً لكل حال لبوسها ومرسلاً فيها أعوانه الذين قام على أمرهم دهراً طويلاً حتى لا يكشف أمرهم للغافلين عن وسائله المدروسة للخطط الطويلة الأجل.

وهناك من المنصرين من يعترف بخيبة دول أوروبا في الحروب الصليبية الأولى عن طريق السيف كما قال ذلك: "رشتنر" : "خابت دول أوروبا في الحروب الصليبية الأولى عن طريق السيف فأرادت أن تثير على المسلمين حرباً صليبية جديدة عن طريق "التبشير" التنصير فاستخدمت لذلك الكنائس والمدارس والمستشفيات وفرقت المبشرين في العالم الإسلامي وهكذا تبنت الدولة حركة التبشير لمآربها السياسية ومطامعها الاقتصادية ولقد استطاع "ريموندلول" في عام 1299م وعام 1300م أن يحصل على إذن من الملك يعقوب صاحب أرغونة ليبشر في مساجد برشلونة محتمياً بالسلطة في أسبانيا ويعتبر هذا التاريخ أول عهد الأوروبيين بالتبشير والتنصير كما يعتبر ريموندلول أول من تولى التبشير بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها، فقد تعلم اللغة العربية رجال في بلاد الإسلام وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة.

وانطلق المبشرون الفرنسيون والأوروبيون بعامة يجوبون أنحاء العالم الإسلامي وقلوبهم تقطر بالحقد والكراهية الشديدة للإسلام يقومون بالتجسس واستطلاع نقاط الضعف في المجتمع الإسلامي وشراء العملاء ونشر الفتن والقلاقل، والتشكيك في الدين القيم، ويعتبر عمل المنصرين مظهراً من مظاهر المسيحية في ذلك العهد ودام ولم يزل إلى يومنا هذا يتبع الاستعمار الحديث لأنه منه وإليه، ويلازمه أينما سار وتحرك في بلاد المسلمين بل هو أحياناً الاستعمار نفسه لا ملحق به في الظروف التي يغيب فيها الاستعمار العسكري، ولهذا يتقدمه أحياناً كالحال في التبشير الفرنسي والأمريكي في لبنان وقد يتأخر عنه ويبقى بعد أن يرحل الاستعمار العسكري كما هو الحال في مصر في المدارس المسيحية التنصيرية التي تؤثر في النشء بطرقها الخاصة وهو لا يقل خطورة عن الحروب العسكرية لأنه حرب مستمرة هادئة تتخذ الشكل المشروع في ظاهرا وتتمسح بالتعليم تارة وبالعبادة تارة أخرى وهي في بساطتها على عكس ذلك تماماً.

ويعتقد الفرنسيون من إرسالياتهم إلى بلاد المسلمين بحجة التعليم أن هذا التعليم الإرسالي إنما هو واسطة إلى غاية فقط هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح وتعليمهم حتى يصبحوا أفراداً مسيحيين ولكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه ولتخرج خيرة علماء الفلك والطبيعة وطبقات الأرض وعلماء النبات وخبرة الجراحين والأطباء فإننا لا نستردد حينئذ أن تقول: إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن المدى التبشيري إلى مدى علماني محض إلى مدى دنيوي مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات هايدلبرج وكمبردج وهارفارد وشفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية.

وقال رئيس الجامعة الأمريكية بيروت سنة 1948م لقد برهن التعليم على أنه أئمن الوسائل التي استطاع المبشرون أن يلجأوا إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان.

وتعلن آنا ميلجان عن مبادئها وأهدافها في تعليم المرأة المسلمة من خلال الإرساليات فتقول: يوجد في صفوف كلية البنات بالقاهرة بنات آباؤهن باشوات وباكوات وليس ثمة مكان آخر يمكن أن يجتمع فيه مثل هذا العدد من البنات المسلمات تحت النفوذ المسيحي وليس ثمة طريقة إلى دحض الإسلام أقصر مسافة من هذه المدرسة.

وواضح من خلال هذه التصريحات أن هذه الإرساليات إنما كانت تعمل للقضاء على الإسلام وقد وجدوا أصحاب هذه الإرساليات بغيتهم في الفتاة المسلمة على وجه الخصوص، ذلك لأنها ستكون زوجة وأماً في المستقبل تعد الأجيال وتربي النشء وتأثيرها في محيط الأسرة فعال إلى أبعد الحدود.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد