طه سيف نعمان
احمد بن عبدالعزيز ثوابه أو احمد ثوابه.. أو كما يحلو للبعض مناداته احمد بن عبده.
ها هي أربعينيته قد حلت وهو بعد في قلوب الكثيرين ما يزال يعيش بصدق مثاليته الحية لكل انفعالات الإنسانية والآدمية البشرية.
احمد ثوابه هو حفيد الشهيد احمد صالح ثوابه القشاش أول شهداء اليمن على عهد الإمامة وحكم الأئمة كما ذكره الأستاذ/ حسين العمري في "حوليات".. احمد ثوابه ذلك الرجل الذي سطرته الأحداث المتعاقبات منذ كان أحد الرهائن لدى الإمام وهو لم يبلغ الحلم بعد إلى أن حانت ودنت ساعة رحيله إلى رحاب الله جل في علاه على أنه أحد الرجال القلائل في قائمة مناضلي الثورة اليمنية الذين عاشوا بصمت النضال وقيمه وماتوا كذلك كأنهم تجسيد لذلك الجندي المجهول الذي تتخذه الأمم والحكومات رمزاً ناصعاً للفداء والتضحية والنضالية في أسمى معانيها ودرجاتها من أجل الأمة والوطن.
أحمد ثوابه هو أحد مناضلي الثورة بحق إذا أردنا تحري الدقة والإنصاف لأنه قدم كثيراً من الجهد وبذل كثيراً من الوقت في سبيل تحقيق أكبر قدر من النجاح في هذا المضمار ولأنه لم يتردد يوماً من الأيام في تحمل ما من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق الغايات التي تقود إلى مصلحة الأمة والوطن مهما كان العمل في سبيل ذلك أو المهمة غاية في الصعوبة، والسبب أنه - رحمه الله - قد جمع في شخصيته كل إذكاءات الفطنة وسرعة البداهة وذكاء ابن البادية وطيبته ووفائه وكرمه وعلو جانبه ومصداقية تضحياته ونشاطه فهو من الرجال الأوفياء الذين يدخلون بشرف النفس وعزتها ويخرجون بشرفها وكرامتها أيضاً دون أن تمس مشاعرهم ونفوسهم بأقل الأذى أو أدناه.
ولأنه كذلك فقد عرفه الجميع في كل موقع من مواقع العمل والنضال وإنجاز المهمات الصعبة على كل وجه من وجوه مرادات الأمة والوطن أو غايات النضال والبسالة.. إنه عنصر "ما أعيته الحيلة والذكاء والفطنة والصدق أبداً للاهتداء إلى ماذا يمكن فعله أو إنجازه في سبيل تحقيق أمر ما يعود على الأمة والوطن بكل الخير والمصلحة والمنفعة".
احمد ثوابه - تغشته رحمانية الله عز وجل - رجل عرفه الكل كريماً متواضعاً متسامحاً لا يحمل على أحد سخيمة أو حقداً أو خبثاً.. يصفح عن الآخرين بروح عالية رائعة، هكذا عرفه الكل من أهله وذويه وأصحابه ورفقاء دربه في النضال على مدى سنوات طويلة من الصحبة الخالصة التي اكتنفها زمن العمر بكل لحظات الحزن والفرحة أو السعادة والنجاح والإخفاق أو حتى ساعات العسرة واليسار وكل ضروب العيش المتغيرة من حين إلى حين.. إنه بحق يدخل فيمن يصفهم المتنبي بقوله: وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
ومن كانت هذه حاله فإنه يسع الجميع بكل ما فيهم ولا يبدي تذمراً قط في ذلك لأنه بمقياس الخَلق والخُلق كان مهيئاً ومعداً لكل هذه النضالات والغايات وكل أنواع المرادات العالية.
لقد كان احمد ثوابه احد القلائل الذين انتبهوا بدقة إلى قضية إرسال الشباب اليمنيين للدراسات الأكاديمية خارج اليمن من كل التوجهات والأصناف في سبيل الإسهام بعملية تطوير العقل اليمني من خلال مختلف التخصصات والدفع باليمن شعباً وأمة ووطناً إلى أعلى مراتب التحصيل العلمي لإعداد الكوادر العلمية المتخصصة، ولن يصدق البعض أنه رحمه الله كان أحياناً يتحمل نفقات البعض من أولئك الشباب الطلاب وحده ومن مصروفاته الخاصة به.
كان ينشد الخير والتقدم والعدل للأمة والوطن وكان إلى جانب ذلك يدخل في كل محاولات وعمليات الصلح التي ينشدها الناس في خضم المنازعات القبلية وغيرها في كل موقع ومكان وكأنه يجسد بروحه المتفانية ومعتقداته الصحيحة كل معاني الوحدة والإخاء والمحبة أو المعاناة الواحدة لكل أبناء اليمن.
رحمك الله تعالى أيها المناضل الصامت في كل موقع ومكان وغشيتك رحمته تعالى.. فقد كنت برغم رداءة أهل هذا الزمن وخيبتهم وفسادهم أهلاً للعلو والرفعة وقد تسامت بك أخلاقك ومواقفك ودينك على مرأى الجميع ومسامع الكل فعليك سلام الله يا أحمد الخير.. وعظم الله أجر أهلك وذويك ورفقاء دربك وعظم الله أجر هذا الوطن.
(ولله الحمد من قبل ومن بعد وإنا لله وإنا إليه راجعون)