شكري عبدالغني الزعيتري
في مثل يوم أمس من العام الماضي 2007م توفي الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ). . . اذ قبلها لم أكن اعرف الكثير عن تاريخ الشيخ سوي ما رايته أمامي من سياسة ومسئولية سياسية ووظائف حكومية عامة عليا تقلدها وتحمل مسئوليتها. . . لأني من مواليد ما بعد الثورة اليمنية ولم أعاصر زمان ما قبل الثورة وأثناء قيامها. . . وفي يوم وفاته وأثناء الحداد عليه سيطر علي ذهني ما رايته من تغطية إعلامية ضخمة بكافة الصحف المحلية بالكتابة عنه. . وبث معظم القنوات التلفزيونيةمن فضائيات عربية ومحلية وأجنبية. . وأعلن في داخل اليمن الحداد الرسمي عزاء لموته. . وما تابعته عبر وسائل الإعلام من إبراق الكثيرين من ملوك ورؤساء دول وشخصيات سياسية وثقافية كبيرة من رسائل العزاء في الشيخ لذويه خاصة وللوطن بعامة عربية وأجنبية. . . هذا ولد لدي الإصرار بان أقراء في تاريخ الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر التاريخ الذي لم يسبق لي قراءته ولم اعرفه. . . فذهبت بعدها اجمع الكتب التي كتبت أو أشارت عن الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ) وأجداده. . وكانت المفاجئة لي إني وجدت العديد من الكتب التي كتبت عنه. . وأخرى أشارت إلى نضاله الثوري. . كما وجدت الكثير من الوثائق القديمة منها الشخصية ومنها الرسمية كمراسلات قديمة تمت بين أجداده وأئمة على حكم والأتراك. . ومراسلات قديمة بينه وبين أئمة الحكم ورؤساء وقادة. . . وعليه عكفت على الكتب التي جمعتها. والوثائق والمراسلات وقد قراءت وثائق ورسائل حررت للشيخ أثناء حياته. . ووثائق ورسائل حررت لمن كان قبله لآبائه وأجداده وتحمل تواريخ قديمة تعود إلي عهد حكم الإمام المنصور. . ووثائق ورسائل محررة ومرسلة من الإمام يحيى بن حميد الدين وابنه الإمام احمد بن يحيى حميد الدين وبعض أشقاءه وتحمل (إمضاءاتهم وأختاماتهم ) وغيرهم من حكام ومشائخ ذاك الزمان. . ومرسلة للشيخ ولآبائه وأجداده المشائخ. كما وجدت وثائق ورسائل حررت من كبار قادة الثورة الأحرار وتحمل أسمائهم وإمضاءاتهم كأمثال (الزبيري والنعمان والارياني رحمهم الله تعالى وغيرهم ). . . وأيضا وجدت وثائق ورسائل حررت من رؤساء اليمن بعد الثورة ووزراء تعاقبوا علي الحكومات اليمنية المتعددة منذ قيام الثورة. . ووجدت وثائق و رسائل حررت من شخصيات سياسية وثقافية كبيرة وعلى مستوى عالي. . مراسلات تمت بين الشيخ وبين أولئك القادة والأحرار والمناضلين والحكام والسياسيين والمثقفين المشهورين وممن كانوا في أعلى مستويات في المجتمع اليمني. . . حتى إني وجدت وثائق ورسائل حررت من رؤساء وزعماء وقادة سياسيين لدول أخري ومدعمة بصور فوتوغرافية ومذيلة بإمضاءات الزعماء والبعض منها بختومات رسمية على سبيل المثال وليس الحصر من ( الرئيس المصري الراحل / جمال عبد الناصر ومن الملك السعودي الراحل / فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ومن الملك السعودي الراحل / فهد بن عبدالعزيز آل سعود والعديد من الأمراء بدول الخليج ودول أخرى. . وأخذت أقراء فيما ورد فيها. . . وعكفت أقراء في تاريخ الشيخ حتى أكملت قراءة الكتب التي جمعتها وكثير من الوثائق والرسائل والردود عليها. . وكنت كلما تعمقت وأطلت القراءة تعمق في نفسي وزاد الحب للشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله تعالى) وظللت بين الدقيقة والأخرى ومع كل حدث وآخر أقرائه يكبر حبي للشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر ويتعمق في نفسي مع كل صفحة وأخر اقلبها وكل وثيقة ادقق في قراءتها. . وفي ذات الوقت زاد حزني على رحيل الشيخ (عنا). . وقلت محدثا في نفسي وأنا في خضم القراءة والاطلاع (نعم) بوفاتك أيها الشيخ الصالح الفاضل البار ولقد خسرت اليمن أرضا وشعبا. . خسرت رجلا بكل ما تحمله الرجولة من معاني حمل صفات قلما نجدها عند الكثيرين. . . وبكلمات جامعة لما قرأته وموجزه أقول. . كان الشيخ رجلا حكيما. . وكان رجلا حريصاً على دينه. . وكان رجلا اجتماعي يحب الناس ويأنس بهم ويحبه الناس ويأنسون به. . وكان رجلا ثائرا ضد الباطل والظلم. . وكان رجلا وطني يحب بلده وشعبه. . وكان رجلا سياسي بارع. . وكان رجلا إنساني ذو خير وعطاء. . . (وبامتياز) وبمعنى الكلمات وما حوت من مضمون وعمق وبعد. . . ولك التفسير والتأويل أيها القاري العزيز. هذا موجز كلمات عن الكتب التي قراءتها وما وجدته قد كتب عن الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر والوثائق والصور الفوتوغرافية التي تصفحتها ونطقت وتحدث. .
وتوضيحا بالشرح لبعض الشئ أقول : وهنا وفي سردي والذي سيأتي بعده من كلمات. . تكون ومهما تحدثنا بها لعاجزة عن إعطاء الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله تعالى) حقه الذي يستحقه. . . إذ تعد الأيام وتنقضي السنيين ويمر الزمن ويأتي اجل الإنسان. . فتحسب قيمة المرء من الناس بما أنجزه وعطاءه وقدمه من أعمال ومنجزات. . سواء لأهل قريته. . أو لمجتمعه. . أو لشعبه. . أو لعالمه الواسع. . فحياة الإنسان تعد عند الله سبحانه وتعالى. . وعند خلقه من الناس. . بأعماله الطيبة والمثمرة التي قدمها ويقدمها للناس و يفيد بها غيره. . فيظل هذا النوع من الناس مذكورا عند الخليقة من الإنس. ويكون مأجورا عند ربه بما قدمه من الأعمال الخيرة للعامة وللناس جميعا. فيكون من الشخصيات التي تذكر على الملا وعطاءهم وما قدموه لا تنسى ويسجل لهم التاريخ السيرة الخيرة والمعطاءة طيلة تتابع الأجيال ممن يستفيدون من عطاءهم. . أو أعمالهم. . أو ابتكاراتهم. . أو ما اخترعوه. . أو أنجزوه لمجتمعهم أو للبشرية جمعا وفيه الفائدة. . ويقدم لمن حولهم ومن بعدهم سوى كان العطاء على المستوى العام (واسعا). . أو حتى إن كان العطاء على المستوى الخاص (محصورا ) لأبناء قراهم أيضا يكون عطاء يذكر لدى آخرين يستفيدون من خيرهم وان كان على النطاق الجغرافي الصغير(القرية ) وفي حدود الضيق لعدد المستفيدين. . . والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر( رحمة الله عليه) رحل (عنا) وكان عطاءه واسعا وكبيرا لليمن أرضا وشعبا وللأمة الإسلامية بمساندة قضاياها. . ولما قدمه الشيخ الراحل (عنا) وجدت انه رحمه الله تعالى أصبح (الغائب الحاضر. . الميت الحي. . الصامت المتكلم. . ) إذ أن أعماله التي قام بها في حياته بالأمس الماضي القريب ونلمس فوائدها جيلا بعد جيل هي اليوم وغدا وبالمستقبل جعلته وستجعله (حاضرا وحيا ومتكلما ). . وقد جاءنا هذا اليوم وتاريخه وهو الذكري السنوية الأولي لرحيله (رحمه الله تعالى ). إذ في مثل اليوم 29/ ديسمبر من العام الماضي 2007م كان يوم وفاته ورحيله عنا وعن اليمن أرضا وشعبا. . وذهابه إلي ربه تعالى خالقه الرحمن الذي اختاره لجواره. هذا جعلني أتذكره حين كان حيا بيننا بالأمس القريب. . ورأيت اليوم غياب جسمه جسدا عنا. . فدفعني هذا محاولا بسطور اكتبها وتذكيرا البعض. . وبقليل القليل وباليسير من تاريخه الحافل وعطاءه الزاخر. . ولأني وجدت أمامي تاريخا واسع له وعطاءاً كثيراً أعطائه طيلة حياته. . جدت نفسي عاجزا عن الكتابة إذ عجز قلمي وتوقفت أنامل يميني عن الكتابة لساعات وأضحى تفكيري في حيرة إذ وجدت نفسي قد اكتب فاقصر في حق الشيخ الراحل (عنا) بان اختزل وفي سطور تاريخ حافل وعطاء زاخر للشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر ( رحمة الله عليه). . فتوقفت لساعات في حيره أفكر إذ لم ادري من أين أبداء. . وكيف اسرد. . . وبماذا انتهي. . . ؟ ولكن تولدت لدي الرغبة العميقة و حبا له والذي تعمق وكبر بقراءتي لتاريخه بان اعرض لك عزيزي القارئ وباختصار تضحية ومآثر وعطاء بقليل مما اكتب وهو القليل من واسع كبير. . إذ وجدت باني سأكتب قطرات من بحر تفجر بالعطاء تدفقا. . ولهذا قرر ت أن أتمحور في دوائر معينة وحولها (مع الاعتذار لك عزيزي القاري ولذويه وأبناءه) إن لم أفيه حقه بإيرادي مقتطفات مختصرة عنه وبلمحة سريعة وعلى مدى أربع حلقات متتالية انشرها للقاري وتتحدث عن اليسير المختصر من نضاله وتضحياته وفي هذه الذكري السنوية الأولى لوفاته (رحمه الله تعالى ) ودفعني للكتابة عن الشيخ إني شعرت بضرورة تذكره في هذه الأيام وهي الذكري السنوية الأولى لرحيله (عنا) إذ هو اليوم بعد رحيله يعد واحدا من السلف الصالح بأعماله الخيرة وعطاءه الواسع. . ولهذا سأكتب سلسلة مقالاتي هذه وعددها أربع مقالات ستنشر متتابعة وتحمل عنوان رئيسي (الذكري السنوية الأولي لرحيل الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر (عنا ). . وكل مقالة ستكون حلقة تحمل عنوان خاص تتمحور في دائرة من العطاء وبلمحة مختصرة ومن زاوية وجانب واحد من شخصية الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر. . (ندعوا الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته ). إذ ستكون حلقتنا هذه وهي الأولي وتحمل عنوان(الشيخ القريب من ربه تعالى ). . وتتبعها غدا الحلقة الثانية و ستكون بعنوان (الشيخ الاجتماعي ) وتليها الحلقة الثالثة بعد غد و ستكون بعنوان (الشيخ الثائر ) وبعدها الحلقة الرابعة والأخيرة ستنشر بعد بعد غد و ستكون بعنوان (الشيخ السياسي). . .
وإبداء حديثي بالقول : ولد الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر( رحمة الله عليه) في حصين (حبور ) حاشد بمحافظة عمران في يناير عام 1933م وتعلم علوم الدين على يد فقهاء كانوا يسموا (معلمين الكتاتيب) في ذاك الوقت فختم القران على يد معلمه المدرس حسن الصوتي. . وكان الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر( رحمة الله عليه) ملتزما بدينه الإسلامي الحنيف منذ صغر سنه إذ قال وعلى لسانه نصا : (( كان معنا مسجدا في حصن حبور وقد نفعتني الصلاة في هذا المسجد الذي كنا نتعلم بجواره )). . وقال : (( اذكر كيف كان اهتمام الناس المجتمع بأكمله بالعبادات كنا نصلي الفجر جميعا الصغار والكبار وبعدها لا ينم احد حيث نجلس جميعا نقرأ القران الصغار والكبار والنساء اللاتي يحفظن القران كل الناس تقرأ القران من بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس ثم نتناول طعام الفطور لتبدءا بعده الحركة والعمل في وقت مبكر. . وكان النوم مبكرا أيضا حيث لم تكن هناك سهرات طويلة في الليل وهذا ما كان عليه اليمنيون كلهم في ذلك الوقت )). . فالشيخ رحمه الله تربي ونشأ وترعرع وشب وكبر في قرب من الله وفي طاعة دائمة لخالقه طيلة حياته وكان حريصاً على أداء شعائر الله التعبدية. . وأركان الإسلام. . وإكثار سنن النوافل من الصلاة تقربا لربه. . وكان لهذا الارتباط بخالقه منذ الصغر الأثر الكبير في نهجه الاجتماعي والسياسي حين شب وكبر وتسييس وخاض في عالم السياسة واشترك مع رجالها محليا. . و مواقفه دائما مساندة لقضايا إسلامية واضحة ويطرح آراءه تجاهها بوضوح جلي لا يتكلف ولا يجامل ولا يهادن. . وكانت تنطلق من فكر إسلامي معتدل وكان توجه الديني والتزامه بمساندة قضاياه تمس دينه لا يحيد عنها (إطار عام ومنهج سير له ) فلم يكن يجامل أحدا على حساب دينه الإسلامي وقضايا إسلامية تهم الأمة. . وعلى سبيل المثال وليس الحصر فقد كان متمسكا بدينه الإسلامي لا يفرط وظهر جليا هذا في إصراره و اشتراكه وتصميمه في وضع الأسس للدستور اليمني بعد تحقيق الوحدة اليمنية واشتراطه أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي لتشريع القوانين. . وصارع لأجل هذا أحزابا وأفرادا وعلمانيين وتيارات سياسيه علمانية ويسارية. . فقد كان حصنا منيعا أمام التيارات السياسية التي تحمل فكرا هداماً للدين التي كثيرا ما حاول أصحابها اختراق المجتمع اليمني المسلم بها. . وكان قائما بالذود عن دينه الإسلامي داخليا وخارجيا و داعما للتيارات الإسلامية (داخليا وخارجيا ) وتنظيماته المعتدلة التي تقوي الإسلام ولا تضر به غير متشددا ولا متزمتا يحاول تعديل ونبذ الطرف وبعث المرونة لدى المتشددين حول مذاهب دينية متعصبة ويسعي بإزالة تطرفهم والعودة بهم إلى حقيقة الدين الإسلامي السمح وحرصا منه بان لا يضروا بتشددهم الإسلام الحنيف. . وقد كان مساندا و واقفا بجانب قضايا أمته الإسلامية وداعما للقضية الفلسطينية وتنظيماتها المقاومة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين طيلة حياته بالمواقف السياسية والمال. . لا يهاب دول عظمى وقادة كبار لها من اتهاماتهم التي قد تلحق به وتأويلهم لمواقف وتزييفهم القول بأنه داعماً لتنظيمات سياسية إسلامية كانت ومازالت توصف بالإرهاب (كمنظمة حماس الفلسطينية وغيرها. . ) وشهد له بذلك الشيخ ( احمد ياسين ) مؤسس حركة حماس رحمه الله تعالى ورئيس مكتبها السياسي الحالي الأستاذ / خالد مشعل. . . وكان يرعي رجال وعلما ء الدين ويحتضنهم بالحماية من اتهامات باطلة ولحقت بالعديد منهم أطلقت من قبل أنظمة دولية معادية للإسلام. . . تابع العدد القادم غدا الحلقة الثانية بعنوان (( الشيخ الاجتماعي ). <
Shukri_alzoatree@yahoo. com