عبدالوارث النجري
لا شك أن فخامة الأخ الرئيس كان صادقاً في حديثه مع إحدى الصحف في قوله أن ما يجري اليوم على الساحة اليمنية لا يمثل أزمة وطنية، فهناك فرق بين أزمة ضمير وعدم توافق أصحاب المصالح الشخصية والحزبية وبين أزمة وطنية سبق وأن شهدتها البلاد ما بعد انتخابات 93م البرلمانية وقبل حرب صيف 94م إثر الخلاف الذي نشب حينها بين طرفي الإئتلاف الحاكم "المؤتمر والاشتراكي" حيث كان كل طرف يمثل دولة بحد ذاتها من الرئيس وحتى الجيش والمواطنين، أما الآن وبعد أن صارت المؤسسة العسكرية والأمنية ملكاً للوطن والشعب تعلن ولاءها لله والوطن والثورة والوحدة، لا لحزب أو شخص معين فنحن اليوم وما يشهد الشارع اليمني ليس سوى عدم توافق بين القيادات الحزبية نتيجة لأزمة ضمير تعاني منها الكثير من القيادات المندسة على أحزاب المعارضة والحزب الحاكم أو ما يمكن تسميتهم بعناصر الطابور الخامس، والتي لها دور أساسي فيما يحدث حالياً ببعض المحافظات الجنوبية تحت مسمى "الحراك والتحرر والقضية الجنوبية" ومن يقف وراءهم طبعاً من قيادات معارضة الخارج، وكذلك هو الحال لما حدث ويحدث في محافظة صعدة والذي يبدو أنه صار واقعاً مفروضاً على قيادة البلد، والذي نعلم جميعاً أنه لولا عناصر الطابور الخامس لما استطاعت أي من القوى الإقليمية دعم ومساندة مثل ذلك التمرد الذي واجه الدولة بالسلاح في حرب كان الخاسر فيها الوطن وأبنائه وسيادته، واليوم ونحن نشهد أيام العد التنازلي لموقع إجراء الانتخابات النيابية الرابعة في موقعها لا تزال عناصر ذلك الطابور التي استطاعت التسلل إلى مواقع قيادية في الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة لا تزال تلك العناصر تسعى أكثر من ذي قبل لإدخال البلد في دوامة وحرب أهلية لم يشهدها من قبل على أن يكون بدايتها يوم ال 27 من إبريل القادم ولكن هيهات أن يتحقق لها ذلك، خاصة بعد الوعي الذي صار يتمتع به غالبية أبناء الشعب الذين أصبحوا أكثر من ذي قبل يدركون أهداف ومطامع تلك العناصر التي تعمل وفق أجندة خارجية تستهدف الوطن وتسعى للنيل من كافة أبنائه ونهب خيراته، ولعل ما يجري اليوم من زوبعات تستهدف الأمن وتقلق السكينة العامة سواء في الشمال أو في بعض مديريات المحافظات الجنوبية ووحدة القاعدة وتهديداتها إلى غير ذلك، والتي طبعاً فتحت عدة جبهات أمام الدولة إلى جانب من يعانيه المشهد الانتخابي من غيوم ملبدة وغير واضحة منذ أكثر من عام، لكن الهدوء الذي يسود المشهد الانتخابي اليوم ويتزامن مع تراشق إعلامي ساخن ينبئ عن انفراج قادم يزيح كافة تلك الغيوم الملبدة قد يظهر للعلن خلال الأسبوعين القادمين لا يختلف كثيراً عن اتفاقية المبادئ ما قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية 2006م، وهذا يؤكد بلا شك هزيمة عناصر ذلك الطابور الخامس المندس داخل الحزب الحاكم والمعارضة لأداء مهمته، لكن الأهم من ذلك وما يطرحه المراقبون اليوم للمشهد السياسي اليمني ومستقبل الديمقراطية في البلاد هو ما مدى جدية تلك القيادات الحزبية في الحاكم والمعارضة في لقاءاتها وحواراتها السرية خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي لما يخرج البلاد من نفق حقيقي مظلم لا يتعلق بحراك الجنوب أو تمرد صعدة أو انتخابات إبريل القادم، بقدر ما هو وضع معيشي صعب أصبح يعاني من آثاره السواد الأعظم من أبناء الشعب "القوى الناخبة" هذا إلى جانب ما يحاك ضد البلاد من مؤامرات جمة ينفذها عملاء الداخل وفق أجندة خارجية ترسم وتخطط لها قوى إقليمية ودولية، أسئلة نطرحها اليوم لمن نأمل أن يصلوا إلى توافق في أقرب وقت ممكن، هل دخلت مشكلة ارتفاع الأسعار والأزمة والوضع الاقتصادي السيء الذي يعاني منه الوطن ويتجرع آثاره المواطن العادي هل سيتم مناقشة الفساد المالي والإداري الذي أصبح ينخر كافة المرافق الحكومية؟! أم أن اللقاءات السرية لهذه القيادات ستتركز في كيفية مراضاة الأحزاب المعارضة مقابل المشاركة في الانتخابات؟ وما هو السقف المحدد بتوافق ومشاركة طرفي العملية الانتخابية ومن ثم تفويت الفرصة على عناصر الطابور الخامس من تحقيق أهدافها، ولهذا كانت اللقاءات سرية أو بالنسبة للقضايا المتعلقة بحياة المواطن ومستقبل البلاد فلا مانع من ترحيلها من عام لآخر ومن إستحقاق ديمقراطي لآخر وهكذا، ما دام وقد تحققت المصالح الحزبية والشخصية لطرفي الحوار وهذا الأهم، لكن هناك سؤال لا بد من طرحه كي تظهر حقيقة خلافات ما يقارب العام واتفاقيات اللحظة الزمنية هو ماذا لو كانت مطالب المعارضة "المشترك" ليس تصحيح السجل الانتخابي ولا تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ولا القائمة النسبية ولا الكوتا ولا تتعلق بالانتخابات إطلاقاً، بل المطالبة بتحريك قضايا الفساد المالي والإداري المجمدة حالياً في المحاكم والنيابات ومحاكمة الفاسدين الضالعين فيها محاكمة مستعجلة، ترى فكم سيكون رصيد المعارضة حينها من مقاعد البرلمان القادم؟ سؤال فقط لن يجيب عنه سوى القاعدة الشعبية للمعارضة والحاكم على السواء