فرح المتقاعدون باعتماد لكل منهم كيس بر بدلاً عن الإكرامية لهذا العام التي يبدو أنها ضلت طريقها إلى المواطنين بعد أن "وعدوا" باستمرارها سنوياً.. ولكن شيء أحسن من لاشيء كما يقول المتقاعدون الذين تم لهم صرف قسائم العذاب الذي تمارسه عليهم المؤسسة الاقتصادية لا لشيء إلاّ لتلذذ بعذابات من أفنوا حياتهم ردحا من الزمن في خدمة الوطن علهم يجدون في نهاية مطاف رحلتهم العملية ما يساعدهم على العيش بسكينة وهدوء بقية أعمارهم حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
لكن ذلك أصبح أمراً بعيد المنال حيث مورست عليهم أنواع شتى من العذابات دون احترام لشيبتهم أو دورهم في صنع مستقبل الوطن ففي قضية الرواتب نجد تفاوتاً واضح بين المتقاعدين في مؤسسة واحدة وبنفس الوظيفة والمستوى العلمي كما هو الحال في متقاعدي التربية والتعليم والتفاوت الواضح في احتساب معاش نهاية الخدمة لمدرسين بنفس الدرجة الوظيفية وتاريخ التعيين .. وكذلك الإستراتيجية ليست بأحسن حال من قضية الراتب .. وآخر هذه المعوقات التي يتجرعها المتقاعدون هي قضية صرف كيس بر لكل متقاعد عبر البريد حيث يستلم المتقاعد قسيمة معمدة من البريد بعد وقوفه طويلاً في طابور الراتب ويذهب فرحاً إلى المؤسسة الاقتصادية لاستلام كيس البر ليجد نفسه أمام سيل من البشر ورحمة لا أول ولا آخر لغرض الحصول على (ختم) المؤسسة !
ويا روح ما بعدك روح فيستمر أيام وليالي للحصول على الختم وفي رحلة العذاب هذه يتوه المتقاعد في دهاليز الابتزاز الرخيص فيجد السماسرة يتلقونه ليشتروا منه القسيمة بثمن بخس دراهم معدودة أو الانتظار طويلاً والمزاحمة كثيراً دون أدنى اعتبار لسن المتقاعدين وعدم قدرتهم على المزاحمة والطوابير الطويلة حتى يصلوا عند الموظف الذي يمارس عليهم ابتزاز آخر بالتلكؤ والانشغال بالحديث مع زملائه غير آبه بحالة المتقاعد المسكين ومعاناته من الزحمة والحر الشديد كما في أبين وفي نهاية مراحل عذاب كيس البر يحصل المتقاعد على ختم المؤسسة فيذهب إلى المستودع ليجد نفس المعاناة من الزحام الشديد والطوابير الطويلة وعلى رأس كل ذلك المؤسسة الاقتصادية والسماسرة الذي ربما كان لهم تنسيقاً مع المؤسسة لغرض شراء البر بأثمان بخسة .
ويتساءل المتقاعدون بعفوية :ـ ألا يمكن استلام كيس البر بقسيمة البريد ؟! وما الداعي لختم المؤسسة الذي لا يقدم ولا يؤخر إلا تعذيب المتقاعدين ؟! أليس هذه بديلاً عن الإكرامية ؟! فلماذا يعذبوننا بكيس البر حتى ندوخ السبع دوخات قبل استلامه ؟!
علماً بأن طوابير المتقاعدين ما تزال مستمرة حتى اليوم ولكم أن تتصوروا الذي يأتون من الأرياف إلى عواصم المحافظات كم مفروض عليهم أن يخسروه من وقت وجهد ومال حتى يحصلوا على كيس البر هذا عبر هذا الروتين القاتل ؟!
فأنا شخصياً قد عجز ولدي عن استلام الكيس البر الخاص بي فباع القسيمة بألفي ريال.<
منصور بلعيدي
كيس البر.. إكرامية أم إذلال 1957