هناك مثل شعبي يقول" على قدر فرشك مد رجليك"، وأنا أقول "على قدر واسطتك فك جيبيك" لأن هذا هو الواقع المخزي والفاسد والظالم في يمننا.. فهناك مشكلة بل وباء أنتشر في زماننا، وعادة سيئة، بل هي من أنواع الظلم ويقع فيها الكثير ويظلمون بها ويأخذون حقوقهم ألا وهي "الواسطة" التي غزت دوائرنا الحكومية والخاصة وغزت كل القطاعات والمؤسسات الحكومية والخاصة، حتى وصلت إلى المدارس، فبها يحبك البعض وتعتبره صديقاً، حتى تكتشف الأمر كله، عندما يتقرب منك لنفسه أو لابنه أو قريب له "فالواسطة" تنشأ و تترعرع عندما يغيب الوزاع الديني سواء عن المسؤول أو صاحب الحاجة وصاحب الحاجة كما يقولون "أرعن" فإنه يلجأ إلى من يستطيع تلبيه حاجاته، والفريق كما يقولون "يتعلق بقشة".
هذا المرض الاجتماعي الخطير سببه الأول ضعف اليقين بالله، فالله جل في علاه أقسم بنفسه بأن الأرزاق مقدرة، فو كان عندنا يقيناً كاملاً لعرفنا أنه لا يأتينا إلا ما اقسم الله لنا فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال:" أنه لن تموت نفس حتى تستوفي روقها وأجلها".. فالمسألة قناعة بما هو مقسوم لك وتصديق بأن الآرزاق والآجال مقسومة أو مسألة محسومة لا يستطيع أحد أن يتدخل فيها.
ومن هنا أنصح وأعظ كل مسؤول ظالم لنفسه قبل ظلمة للناس، يجب أن يتق الله ولا يقدم أحداً على أحد إلا بحق، وبالمناسبة هناك بعض المسؤولين لايتعرضون لمضايقات في هذا الجانب لأنهم معروفون باعتدالهم وعدم قبولهم الواسطة والمحسوبية.
إننا نرى هذه الظاهر المتفشية السيئة كل يوم في واقعنا المأساوي المريع فهي عادة سيئة تستشري بالمجتمع وتبدو جديدة أحياناً ولا يشعر بها البعض وقد تتأهل ثم تنسب لنظرية المؤامرة.
كما يعلم الجميع من أبناء الشعب فإن الكليات العسكرية تفتح أبوابها كل عامين أو كل عام لتستقبل الالاف من خريجي الثانوية العامة من كل محافظات الجمهورية ومن كل الطبقات الاجتماعية في اليمن من فقير أو غني من كبير أو صغير من بن مسؤول أو شيخ أو فلاح مؤهل أو بن تاجر أو بن موظف بسيط المهم من كل الأطياف والأصناف والأشكال، ونحن نعلم أيضاً أن الكليات العسكرية أغلقت الأبواب منذ أكثر من شهر فقامت باستقبال آلاف المنتسبين وقامت بعمل امتحانات القبول وتمارين القبول والفحوصات الطبية بغرض التقليل من الكمية الزائدة عن الطلب أو الحاجة فعملت على فصل وطر أكبر عدد ممكن طبعاً من الفقراء والمساكين واللاموسطين، وبعد التصفيات المنافقة والمغشوشة في الامتحانات والاختبارات تكون هناك كمية قليلة تبقى من الذين لا يملكون وساطة مع أبناء المسؤولين والتجار والمشائخ وأقاربهم المقبولين مقدماً حتى من دون اختبارات، أما الكمية القليلة المدرجة مع أصحاب الوساطة من المتقدمين لمقابلة الهيئة العليا فهم مدرجون أصلاً للتموية فقط على الشعب وخداع المساكين والمنتسبين بأن هناك نزاهة في الاختبار والقبول من قبل الهيئة العليا لقبول المنتسبين، أما الهيئة فاعتمادها في قبول المنتسبين من أفراد الشرطة أو الحربية أو جوية و أو البحرية وغيرها تعتمد على الواسطة فقط فهم يؤكدون المقولة التي تقول الواسطة فوق القانون، فاعتمادهم أو ركيزتهم في القبول والرفض على قوة واسطة المنتسب فإذا كان دو نفوذ وقوة شخصية تم قبول أصحابه أو أقربائه وإذا كان كما يقول المثل الشعبي "لا يجدم و لا يسيل دم" طردوه ورفضوا قبوله، وهذه كارثة كبيرة، فالغني يزدوا غنى والفقير يزداد فقراً وأوضاع الوطن لم تعد تحتمل مثل هذه الفوضى التي "تزيد الطين بلة" كما يقولون.. وقد عملت في الأسبوع الماضي أن مجلس النواب تجرأ وطلب وزراء وأعضاء هيئة الدفاع والجوية والبحرية واستثنى الداخلية ولا نعرف عن السبب، المهم أن طلب المجلس للعديد من المسؤولين لمحاسبتهم عن كيفية قبول أو رفض المنتسبين أطفاءت النار في جوف المظلومين على أمل محاسبة الظالم ومعاقبته ولو أنهم يعلمون أن الحساب سيتم لكن العقاب مستحيل الحدوث، ولكن الأمل بالله تعالى كبير ثم بالصحالين من أعضاء مجلس النواب وبعض المسؤولين الذي سيبحثون ليكشفوا للرأي العام عن الأسرار والخفايا المزيفة التي تعاملت معها الكليات لهذا العام، فالشعب بأكمله بانتظار محاكمة عادلة لكل وزير أو مسؤول في وزارة الداخلية أولاً والدفاع والجوية والبحرية، محاكمة تنصر المظلوم والمتفوق والوطني من المنتسبين على الأكثرية، الظالمة من الفاشلين "المقبولين" من المنتسبين، هذا وضع بلادنا وهذا واقعنا المخيف رضينا به أم لم نرض.. فإلى متى الظلم؟
وخلاصة الأمر والقول: إن الواسطة والمحسوبية المتفشية في بلادنا ناتجة عن ضعف الإيمان من الجانبين وضعف اليقين على الله، لكن إذا أصبحت الصفة الغالية على المجتمع هي الواسطة والمحسوبية في هذه الحالة وجب علينا أن نقف بجانب الضعيف حتى نحافظ له على حقه.
وأخيراً أنهي مقالي بنصيحة لكل ظالم من المتوسطين بل من هيئة المتوسطين أو هيئة قبول المنتسبين كما قال الشاعر: لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً .. فالظلم آخره يأتيك بالندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه .. يدعو عليك وعين الله لم تنم