من جديد عادت جعار المدينة المنكوبة إلى واجهة المشهد لتراجيدا المواجهات المسلحة العنيفة التي تدور رحاها منذ يوم أمس بين القوات الأمنية والعسكرية المعززة وجماعات مسلحة تؤكد المصادر الأمنية الرسمية أنها ما يسمى بتنظيم القاعدة، جاءت إلى مدير خنفر جعار من مناطق لودر ومودية قبل أيام قلائل حسب المصادر الحكومية وعلى الأرجح أن جعار التي كانت المحطة الأولى لمسلسل الاغتيالات وأعمال العنف والنهب والتقطع والتخريب من التي ارتكبتها العنصر المسلحة الخارجة عن القانون بدأ المخطط الرهيب لها منذ نحو عامين ونيف وتشير أصابع الاتهام إلى جهات ورموز خلف هذه الخراب، كانت المدينة قد شهدت هدوءاً نسبياً خلال الأسابيع الماضية.. لكن أحداث الأمس الدامية أكدت أنها مازالت المدينة المسالمة ضحية نزوات قوى الشر والإثم التي يدفع أبناؤها الطيبون الثمن غالياً دون مبررات وذنب اقترفوه..
ليس لدى تفاصيل كاملة ودقيقة عن نتائج مواجهات يوم أمس الدامي في جعار لتضارب المعلومات من الجهات التي تواصلت معها.. لكن المصادر تؤكد مقتل اثنين أحدهما من أفراد الأمن والآخر من المسلحين بالقرب من المنزل الذي كانوا يتحصنون فيه قبالة محطة دابية للمحروقات وآخر أصيب وتم إسعافه إلى مستشفى الرازي من ا لعناصر المسلحة، كما وجدت سيارة مفخخة كانت معدة للانفجار وهناك جرحى من الأمن.. الحاصل أنني هنا لست بصدد كتابة تقرير أخباري عن مواجهات جعار الدامية بل عن الماساة الحقيقة التي يعيشها الأهالي وهي الرعب والخوف الذي صار ملازماً لحياتهم اليومية وهم ينامون ويستيقضون على أصوات الكلاشنكوف والدوشكاء والآر بي جي والقنابل والعبوات الناسفة وعلى رائحة البارود.
كل هذا العنف والدمار الشامل هو الذي قضى على مواقف الدولة الحكومية وافقد الدولة هويتها ونسفت القيم الاجتماعية والضمير الإنساني والوازع الديني من الفاعلين والصامتين على هذا المنكر الفضيع..
أن حملة جعار الأمنية المكثفة أو الواسعة بالأمس لم تكن مفاجئة بالنسبة لسكان المدينة الذين تقودوا على مثل هذه الحملات منذ أول حملة قادها وزير الدفاع اللواء محمد ناصر احمد في شهر أبريل من العام 2009وقد وتكررت حملات محدودة، باعتبار أنحملة الأمس غير مفاجئة لأن جعار أصبحت مدينة مفتوحة ويجد فيها عناصر القاعدة الفسحة والسبب عدم استماتة قوات أمنية ضاربة فيها تساعد على بسط الدولة نفوذها وسيطرته وفي الأشهر الأخيرة صار مديرها العام أحمد الرهوي يعتمد على حراسته الشخصية لمناطحة عصابات التخريب ونهب أسلاك الكهرباء وفي رمضان تعرض لكمين كاد يودي بحياته ومدير أمن جعار المقدم/مسعود علي راجح الذي كلف قبل أسابيع في ظروف حرجه وجد نفسه بدون أطقم وبدون قوات بشرية مؤهلة تناطح هذا الطفوان القادم.. لكن القائد الأمني مسعود عرف كمسؤول عاقل، لو توفرت الإمكانيات سيخلق النجاح ويقضي على الفوضى والعنف ومع حماس وإخلاص الوكيل ومدير المديرية الرهوي وكل العقلاء والصادقين.
بقي القول أن أبناء مديرية جعار المدنيين الذين عاشوا عمرهم في أجواء أمنة يحتاجون إلى الآمان والاطمئنان والهدوء ويحتاج الأطفال والنساء والشيوخ إلى الاستقرار، فهل ينتهي كابوس الرعب هذا الذي حول حياتهم إلى جحيم ومثلهم أبناء زنجبار ولودر ومودية؟ وهذا لن يتحقق دون تحريكهم للتصدي لمثل هذه المنكرات. والله الموفق..