يقول الفيلسوف الأمريكي "كينجزلي زيف" في كتابه الذي أصدره في الستينيات بعنوان "السلوك الإنساني ومبدأ أقل جهد أي أن الإنسان له جهد" معين وطاقة معينة ،فإذا تعود الإنسان على القيام ببذل جهد معين وكثف جهده في هذا العمل فإنه سيبدع فيه وينجح ويقدم إنتاجية عالية لأنه قد كثف جهده في ذلك العمل دون أن يشتت جهده ووقته في أعمال إضافية أخرى .
وهذا المثل ينطبق على منتخبنا الوطني لكرة القدم فهو فريق يتسم بجهده الضعيف ولا يتحمل جهداً أكبر من الجهد الذي بذله فوق طاقته وجهده المحدود ولذلك فأي جهد يتحمله المنتخب الوطني فوق جهده المحدود الذي تعود عليه فإنه لن يبدع ولن يتقدم في الألعاب الرياضية أكثر مما هو فيه ، لماذا؟ لأن المنتخب الوطني قد شتت جهده في أكثر من عمل وأكثر من جهد يبذله في وقت واحد .
وذلك فإن اللاعب في المنتخب اليمني هو في الأصل موظف عمومي أو قطاع خاص وهو يعول أسرة ومرتبه محدود وتغذيته محدودة وتدريباته محدودة وقد ربما يدخن ويتناول القات وشرب الشاب ويتناول ( البرعي والكدم والسلتة ) وهذا هو غذاؤه الذي تعود عليه والمتاح له .
أي أن جهده مشتت هنا وهناك وبالتالي لن يستطيع التركيز أو أن يخلص لوظيفته أو الوفاء بمتطلبات أسرته أو يخلص لعمله الإضافي ، فكيف نطالبه بالحصول على "خليجي20" وهو في وضع سيء معيشياً واجتماعياً ورياضياً .
وكان المفترض وعلى مدى العقدين الماضيين أن تقوم وزارة الشباب والرياضية والاتحاد العام لكرة القدم في إعداد فريق وطني متكامل وفريق أخر من الصف الثاني وفق إستراتيجية بعيدة المدى على أن تكون وظيفة اللاعب الأولى هي الرياضة ولا شيء غيرها وبالتالي تطعيم الفريق بالأشبال أولا بأول وعاما بعد أخر بحيث تتكفل الوزارة والاتحاد العام بكافة مصاريف اللاعب وتعطيه مرتبا شهرياً وبصورة مجزية وسخية بالإضافة إلى المكافآت والحوافز المادية والمعنوية ،هذا فضلاً عن إقامة المباريات الدولية التجريبية والاحتكاكات الخارجية المتواصلة وتجنيد وتخصيص مدرب أجنبي قدير ذو خبرة طويلة ،بالإضافة إلى مدرب محلي وتوفير كل السبل وتسخير كل الإمكانات المادية والمعنوية للاعب المنتخب ،بالإضافة إلى تحييد وإبعاد المتنفذين الذين يتدخلون في شؤون المنتخب الوطني ويعملون على عرقلة مسيرة المنتخب ومحاولة السيطرة عليه .
إن المنتخب الوطني الحالي قد أُستهلك وانتهى عمره الافتراضي وقد نفذ جهده لأنه لم يتم إعداده إلا لشوط احد في أي مباراة ، أما الشوط الثاني فهو عبارة وقت ضائع يستهلكه المنتخب في ضياع الكرات وفتح المرمى للخصم ولم يعد أمام المنتخب الوطني ما يقدمه أكثر مما قدمه أي أن ليس بالإمكان إبداع مما كان .
أن المنتخبات الوطنية الخليجية قد تم إعدادها وتجهيزها لأكثر من أربعة أشواط متتالية لأن اللاعب في هذه الدول وظيفته الأولى هي اللعب والرياضة والتدريب المستمر ولا يمارس أي وظيفة أخرى وكل جهده مركز على الرياضية ولا شيء غيرها .
إن دول مجلس التعاون الخليجي ومنتخباتها الوطنية تعيش رفاهية اقتصادية واجتماعية عالية وتنفق على منتخبها الوطني مئات الملايين من الدراهم وتشارك في كل المنافسات الدولية الودية والرسمية وإقامة المعسكرات الخارجية بصورة مستمرة وهكذا .
فإذا ما وصلنا إلى مستواهم فيمكن القول أننا نستطيع المنافسة على البطولة وليس المشاركة لأن منتخبنا الوطني الحالي قد تم تجهيزه وإعداده للمشاركة فقط وليس للمنافسة .
Aafadhli@yahoo.com