ما أحوجنا اليوم ونحن ننظر إلى العالم العربي وما يشهده من تفكك وانقسامات وثورات واحتجاجات إلى الاصطفاف الوطني وتوحيد الكلمة ونبذ الشتات والفرقة والاختلافات إلى تقوى الله في النفس والعباد.. إلى قيام كل منا
بواجبه ومحاسبة النفس على التقصير.. إلى التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فربكم عز وجل يقول في كتابه الكريم "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".. فالمهمة جماعية
والمهتدي عليه أن يأخذ بيد أخيه نصحاً وتوجيهاً وإرشاداً.. فالله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.. فما أحوجنا للتعاون والتآزر لتفويت الفرصة على أعداء الأمة
الإسلامية وإحباطاً لكيد الشيطان.
فقد ذكر رسولكم الكريم -عليه أفضل الصلاة والتسليم- أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب، لكنه لم ييأس من التحريش بين العباد.
ولذا فقد ذم رسولكم الفتن وحذر منها بقوله "الفتنة نائمة.. ملعون من أيقظها"، بل إنها – أي الفتنة- أكبر من القتل كما قال عز وجل.
وبما أن الأمر كذلك وبما أننا على يقين تام بأن ما يجري حولنا من أحداث متسارعة إنما هي حصائد فتن ومؤامرات من أعداء الأمة الإسلامية.. وأخرجت بشكل متدرج ومدروس لتبدو طبيعية وفي غاية العفوية والتلقائية..
بينما هي في حقيقة الأمر ستاريوهات متتابعة من مكر وكيد ودهاء للنيل من الأمة الإسلامية.. فهم يمكرون ويمكر الله بهم.. ويكيدون فيحبط الله كيدهم.. ويشعلون ويوقدون نيران الحرب "... كلما أوقدوا ناراً
للحرب أطفأها الله".
إذا هذا هو منهجهم وأسلوبهم الذي بينه القرآن الكريم "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".. فهم فئة المغضوب عليهم والضالين.
إنها دعوة جادة نوجهها إلى أرباب الكلمة وحملة الأقلام من إعلاميين ومثقفين وخطباء ومرشدين وأساتذة وشباب جامعيين ليتحملوا مسؤوليتهم بكل أمانة ومصداقية للقيام بواجبهم تجاه وطنهم وشعبهم باعتبار أن الجميع على سفينة
واحدة ونحن بين خيارين.. إما النجاة وإما الهلاك، إما الغرق أو الوصول إلى بر الأمان ومن أراد النجاة وهي من دون شك رغبة وأمل الجميع، فليتق الله وليبذل جهده في العمل بأسبابها.. بعيداً عن التنازع والتباغض وأن
نكون عباد لله أخواناً كما قال رسولكم أيضاً "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره".. وأشار – صلوات ربي وسلامه عليه- إلى صدره ثلاثاً بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم وكل المسلم على
المسلم حرام ماله ودمه وعرضه".
وحتى لا يأتي أحدكم – إخوتي في الله – يوم القيامة من المفلسين الذين قال عنهم رسولكم "المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا أو سفك دم هذا وضرب هذا..
فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناه فإن فنيت قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
عفاف سالم
إياكم والفتن التي تزيل النعم 1968