ها هو الشيطان والعياذ بالله منه يصول ويجول ويطرق جميع الأبواب والميادين باحثاً عن ثغرات وفرجات ليوقع بينكم العداوة والبغضاء، فمازال هذا نهجه منذ أن لعنه الله وطرده من رحمته حتى تقوم الساعة.
وما من شك أن الدعوات الرامية إلى تأجيج الاختلافات والانقسامات في المنزل والشارع والسوق والحي، بل وحتى في بيوت الله هي من كيد الشيطان ومكره.. فهو يسعى بخيله ورجله لينفث سمومه بين العباد بالفتن لإحداث الانشقاقات.
ومن هنا نجد أن الإسلام الحق هو ذلك الدين الذي يعطيك الحصانة والمناعة والثقة بالله والإيمان بما قدر لك والقناعة بأن الخلق والزرق والأجل كلها بيد الله وليست بيد أحد سواه.. ففي الحديث الذي يرويه نبيكم عن ربة أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً.. فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، ... فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ومن أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه.. فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".
إذاً هو نصح صريح وواضح كل الوضوح لمن ينشد أسباب الحياة الكريمة بالرجوع إلى الله ومراجعة النفس على التقصير والحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فالدين النصيحة ونبيكم بقوله:" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".. وقوله:" فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" و"من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".. كما أقسم بقوله:" والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا...".. وهو أمر سيجاهدكم الشيطان عليه لتزدروا نعم الله عليكم من كساء وغذاء وأمان ومعافاة في الأبدان بوعود وأماني حسمت قبل ولوجكم للدنيا.. والإسلام الحق أن تؤمن بأن ما كتبه الله لك لن يأخذه غيرك ولن ترحل عن هذه الدنيا إلا وقد استوفيته تماماً، وما الضر والنفع إلا بأمر قد كتب لك أو عليك وما دام الأمر كذلك فلا تجعل أذنك للشيطان واستعذ بالله من وسوسته وشره، سيما وأنه يُقهر ويُذل وينكسر في بيوت الله كلما توحدتم واعتصمتم بحبل الله وسويتم صفوفكم امتثالاً لقول نبيكم الكريم " سووا الصفوف فإن تسويتها من تمام الصلاة" وقوله " سووا صفوفكم وتراصوا" تأكيداً لأهمية التراص والاصطفاف لسد الخلل وحتى لا تبقى فرجات يستغلها الشيطان وامتثلوا لقول ربكم عزل وجل:" ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا لا يخذله ولا يحقره ولا يظلمه بالاعتداء عليه أو إغوائه وإضلاله.
بقى أن نقول: إن علينا بالتواصي بالحق والصبر فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، كما قال رسولكم الكريم ومتى كان الإيمان بالله قوياً وصحيحاً كان كيد الشيطان ضعيفاً.. ومتى ما تسلل الضعف وحب الدنيا إلى نفوسنا وجد الشيطان له قوة ورسوخاً وحقق مآربه.. فهل تحذروه وتحبطوا كيده قبل أن يتبرأ منكم؟!.
عفاف سالم
اتقوا الله يا جماعة واخزوا الشيطان 1737