مازلت أعتقد أنك أفضل الزعماء العرب.. على الأقل في هامش الحرية الذي منحته لمعارضيك بعد الوحدة اليمنية بعيداً عن التفاصيل التي يدخل فيها الشيطان كما يقال، لكن الوقت يمضي سريعاً والأحداث تتسارع على المستوى العربي وثورات الشباب تخطف الرؤساء من حولك في زمن عودة الشعوب العربية إلى النهوض بعد سبات دام عقود.. والموقف جد خطير، وقد تخرج الأمور عن السيطرة في أي لحظة.. وهذا لا نتمناه لك ولنا وللشعب اليمني كله أن يقع الجميع في فخ الصراع.
ومن أجل تلافي ما أمكن قبل وصول العاصفة فإنني كمواطن يمني أتمنى أن تعقلها يا فخامة الرئيس وأن تتخذ إجراءات عملية سريعة وجريئة توقف الطوفان القادم.
سيدي الرئيس أترك من كنت تصغي لاستشاراتهم طوال أكثر من ثلاثين عاماً فقد أوردوك الموارد وأصغ لمن يصدقك القول لا لمن ينافقون لك.. إن البلاد اليوم تقف على حافة التغيير أو التدمير وقد يقع الوطن في مستنقع كبير لا سمح الله والبلد تحتاج إلى قرارات مصيرية وشجاعة تمتص الغضب وتهدئ الشارع الملتهب قبل أن يقع الفأس في الرأس..
سيدي الرئيس أنت لست القذافي ولكنك واحداً من الرؤساء العرب.. انظر حولك فعقد السبحة قد أنفرط وأني استغرب أن تدعو معارضيك إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وأنت تعرفها جيداً كما يعرف طبيعتها الشعب اليمني قاطبة ولا أدري كيف تقنع نفسك بأن الشعب اليمني يثق في صناديق لا تنتج إلا الفساد!! هذا تفكير لا يواكب المرحلة.
إن من تعتبرهم أتباعك هم من يجلبون لك رجال القبائل والبلطجية وعتاولة الفوضى وهم وحدهم من سيسوقونك سوقاً للحاق بركب الزعامات العربية التي قذفتها شعوبها، إنهم يريدون اجتثاث تاريخك والتعجيل بالثورة عليك.. إن اللجوء إلى القوة الغاشمة ضد الشعوب فاشل ومخز ويلبس أصحابه جلابيب العار ولا يستطيع إيقاف ثورة الشعوب وقد تسنمها الشباب التي لا تقف طاقاتهم عند حد.
سيدي الرئيس: لقد ضاعت عليك فرصة ذهبية لن تتكرر حين أصغيت لرفقاء السوء وأباطرة الفساد فتراجعت عن قرارك الحكيم بعدم الترشح للرئاسة عام 2006م ولو أنك لم تتراجع عن قرارك الذهبي ذاك لكنت الآن الزعيم الروحي للشعب اليمني لكن هيهات.. إنهم يدفعونك إلى حافة الهاوية ثم سيغيرون جلودهم كما فعل محمد الغنوشي في تونس، إن أمامك الآن فرصة أخرى وإن كانت "فضية" فهل تغتنمها؟!.
أقدم على قرارات شجاعة وجريئة وغير متوقعة في الاستجابة لمطالب الشعب وأبسط يدك لمن لا يخون تاريخك، إن أول هذه القرارات الشجاعة هي استعادة الأموال المنهوبة والمهربة واستثمارها في الوطن لتشغيل الأيادي العاطلة التي خرجت للمطالبة بإسقاط النظام وتشغيل هذه الأموال في التنمية والبناء وسداد مديونية الوطن لامتصاص غضب الشباب الذين تطحنهم البطالة.. وثانيها إحالة الفاسدين إلى القضاء وتشكيل حكومة إنفاذ وطني لا يدخلها أعضاء المؤتمر الحاكم وليكن للشباب نصيب وافر فيها علّ ذلك يدفع إلى التنفيس من حالة الاحتقان العامة وإفراغ شحنات غضب الشباب وتأجيل الزحف القادم.. إن الفرص لا تتكرر واغتنامها للتفكير عما مضى من كبت وحرمان ومظالم لا تحصى قد ينقذ تاريخك في اللحظة الأخيرة وقد تصبح بطلاً في نظر الشعب بدلاً من أن يطالبوا برحيلك.
سيدي الرئيس: أنت تعلم أن اليمن فيها ما يكفيها من المشاكل التي صنعها حزبكم الحاكم وهي اليوم وكأنها تقف على برميل بارود، وأي اهتزاز عنيف سيقود البلد إلى المجهول والخشية ليست من الانفصال في الجنوب ولا من الدولة الحوثية في الشمال ولكنها أكبر من ذلك بكثير فلربما تتحول اليمني إلى شظايا إذا بقيت على عنادك ولم تصغ لصوت العقل.. أحفظ اليمن من التشظي يحفظ لك التاريخ هذا الموقف وانزل عند رغبة شعبك حين لا يصبح منها بد.. فالوطن أكبر من الجميع، لا تكن سبباً في إشعال الحرائق في بلدك فأنت أرفع من هذا الانحدار.. نعم الحرية غالية والتخلص من الظلم نعمة لكن الثمن غالٍ جداً ولسنا بحاجة إلى دفع ذلك الثمن إذا وجد للعقل مساحة في تفكيرنا وللحكمة اليمانية التي تدعيها وتغنى بها دائماً حضور عند الملمات.. تطلعاتنا في يمن خالٍ من الفساد والمظالم والصراعات حراً كريماً ينشد السلام لكل أبنائه.
وختاماً: أن يقال لك الرئيس السابق فهذا أفضل لك ألف مرة من أن يقال الرئيس المخلوع.. فهل تعقلها؟!.
منصور بلعيدي
أعقلها يا فخامة الرئيس 1988