;
يوسف الحاضري
يوسف الحاضري

اللين في الخطاب والحوار 1902

2011-03-07 02:00:15


سبحان القائل {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ }آل عمران "159" ومن خلال التدبر الحكيم والدقيق لهذه الآية وجزئياتها وأحكامها وأفكارها وأهدافها نجد فيها ما لم نجدة ولن نجده في كتب ومؤلفات ملايين من البشر وأفكارهم التي دعوا فيها إلى حسن الحوار وطيب الجوار وأسلوب التعامل وغير ذلك. وفقد ضرب العلي القدير أسلوباً غاية في الأهمية لكيفية التعامل مع الآخرين وذلك من خلال توجيهه لخير البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم من قال عنه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم "4" ومع ذلك استمر الله سبحانه وتعالى في تعليم رسوله الأخلاق في كل شيء ومنها ما احتوته هذه الآية الكريمة حيث فوضح الرحيم جلّ وعلا أن رحمته أساسا في تهيئة نفسية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لتكون لينة في التعامل مع الآخرين خاصة أتباعه من المؤمنين وأعداءه من المعارضين لأن هذا اللين هو الأسلوب الأمثل للوصول إلى النفس البشرية وتشكيلها وتحويرها كيفما يريد.
وهي الطريقة المثلى لإيصال الرسالة التي ينشدها وهي الإجراء الأسهل للحصول على المبتغى, لأن الفظاظة والشدة والقسوة وما تحتويها وتشملها من معانٍ أخرى كنقص الأدب والاحترام والتخلي عن الذوق في التعامل وسؤ الأخلاق والغلظة في التعامل مع الآخرين واستحقار وآرائهم وتوجهاتهم وأفكارهم تؤدي إلى التنافر والتباعد حتى أن القلوب تجافي كل من يحمل هذه الصفات اللامحمودة فكلمة واحدة قد تؤدي إلى إنجاح مشروع أو نسفه تماماً وقد ربما ترفعك في العليين أو ترمي بك في قعر جهنم سبعين خريفا , وهذه الكلمة لابد أن يلازمها أسلوب في الطرح والحوار والنقاش وألا يتلاشى عنها اللين والأدب والاحترام للآخر مهما كان الآخر مخالفاً لك ولفكرك ولطبعك ولتوجهك ولأهدافك، فكفاك ممن لم تستطع أن تكسب وده ودعمه ومساندته كفاك ما ستتلقاه من مديح وقبول عندما تقودك الأقدار للحوار معه مرة أخرى وفوق هذا وذاك قدرك وقيمتك ووزنك عند الله جل وعلا .
ولعل في حديث من لا ينطق عن الهوى ـ صلى الله عليه وسلم ((ما دخل اللين في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)) فإن أردت أن تكون مسموعاً، مقبولاً، محترماً من العدو قبل الصديق ومن البعيد قبل القريب ما عليك إلا أن تتحلى بصفات خير البشر أجمع وبتعاليمه سبحانه وتعالى ولا تظن ذات لحظة أن رفع الصوت وشدته وغلظته وسؤ التعبير والحوار مع الآخر وقله الاحترام له ولتوجهه ولفكرته ولنظرته ولميله ولانتمائه سيكون ذا جدوى لفكرتك التي تريد أن تصل وتحصل عليها على الإطلاق بل إنها ستزيد الفجوة اتساعا وتبعد نقطة الاتفاق أكثر وأكثر بل ربما أن هذا الآخر سيميل إلى جهة أنت تحاربها وتقف ضدها وسيكرس حياته للدفاع عنها كرهاً وبغضاً وحقداً وحنقاً على معاملة الآخر له وسينشر فكرتهم وبهذا ستخسره وتخسر من معه ومن بعده.
وقد كان لنا درس رائع ناصع البياض وكثير العبر في أسلوب نشر الدعوة الإسلامية والتي كانت بأروع طرق الحوار واللين والتي اكتسحت معظم أجزاء الأرض خلال أقل من نصف قرن بحسابات ذاك العصر وليس بحساباتنا، فهناك فارق في الزمن بيننا وبينهم ولا داعي للخوض في هذا,فالنفوس البشرية لا تستطيع أن تجبرها أي قوة دنيوية إلا قوة الخالق جل وعلا مهما استخدمت من أساليب وطرق شتى باستثناء قوة هذه الآية العظيمة التي بدأت بها مقالي وسأختم بها مقالي {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ }آل عمران159
alhadree_yusef@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد