;
فائز سالم بن عمرو
فائز سالم بن عمرو

إرحل .. ومرحباً بالفوضى والاحتراب 1665

2011-03-21 00:02:56


   يسود اليمن وبعض نخبه منطق غريب يقوم على تلبية الغرائز والانجرار وراء دعوة لا يدرك كثير معناها والنتائج التي ستوصل إليها والوطن والمواطن .. لا يختلف اثنان من العقلاء أن اليمن يمر بمرحلة حرجة وصعبة من تاريخه، وتكاد اليمن تسقط في مستنقع الفوضى والعنف والاحتراب .. لقد أثنى العالم على صحوة الشباب وانتفاضتهم على الأوضاع البائسة وتراكم الأخطاء والفساد وغياب الحكم الرشيد .. فشباب الوحدة الذين نشأوا وترعرعوا في ظل الوحدة هم من خرج إلى الشارع وطالبوا بإسقاط النظام انطلاقاً من وحي ثورة الشباب في تونس ومصر .. لقد استطاع "محمد البوعزيزي" أن يحرر المواطن العربي والشباب العربي من الخوف ويقف في وجه الآلة القمعية البوليسية الأمنية التي اتبعتها كثير من الأنظمة في التعامل مع شعوبها وسخرتها لقمع طموحات الشباب وصادرت أحلام الأطفال .. فما كان من تلك الأفواه الجائعة والجموع الهائجة المظلومة إلا أن خرجت إلى الشارع لتعبر عن نفسها وتطالب بالإصلاح الحقيقي والجاد ..
   مثلت مبادرة الأخ الرئيس الأخيرة استجابة للمتغيرات في الساحة اليمنية ومحاولة لاستيعاب مطالب الشباب في كل ساحات ومحافظات اليمن، وقد قامت تلك المبادرة على أربعة أسس وهي : تغيير الدستور اليمني بالكامل وإنشاء دستور جديد ، الانتقال إلى النظام البرلماني ونقل كافة صلاحيات الرئيس إلى الحكومة ، الانتقال إلى الحكم المحلي وتشكيل أقاليم على أساس جغرافي واقتصادي ، تشكيل حكومة ائتلاف وطني والاتفاق على قانون انتخاب جديد .. تلك كانت مبادرة ومحاولة تستجيب للمتغيرات وتلبي مطالبات ساحات التغيير في كل ربوع اليمن للتغيير السلمي والجدي وبها إصلاحات جديدة وواضحة ومحددة وهي مبادرة قابلة للنقاش والحوار والتفاهم ، لكن القوى السياسية ممثلة في الأحزاب السياسية والقوى الشعبية الممثلة في الشباب المعتصمين والمتجمعين في الساحات والميادين رفضت تلك المبادرة وخاصة من قبل أحزاب اللقاء المشترك، إذ رفضت تلك المبادرة وعدم النظر إليها قبل أن يجف حبرها ، هذا الموقف المتسرع والعاطفي جعل العالم يراجع موقفه ويكتشف الواقع اليمني الخطير والمحبط للنخب السياسية والشعبية اليمنية .
   إن شعار "يرحل النظام" دون أن تكون هناك رؤية واضحة ومتفق عليها ومحددة الأهداف لما بعد الرحيل ، وكيفية هذا الرحيل والوصول إلى السلطة هل يتم عن طريق الصناديق والانتخاب والتداول السلمي للسلطة أم يتم عن طريق الدم والاحتراب وإحراق اليمن ومواطنيه ؟! ، ما يطرح في الساحة من قبل النخب السياسية والنخب الشعبية أمر يثير الخوف وينشر الرعب بين أبناء اليمن وعند المراقبين الدوليين ويقلقل دول الجوار ويرفض هذا المنطق العبثي المجتمع الدولي وكافة العقلاء فشعار "يسقط النظام" وبعد ذلك نتفق على من يحكم ؟ كلام ساذج يعتريه تبسيط وتسطيح للواقع اليمني ويدعمه منطق مهزوز ويعتمد مرجعية قائمة على الغرور والقفز على المعطيات الاجتماعية والسياسية والدولية.
 لقد تفاجأت هذه النخب السياسية والشعبية بموقف المجتمع الدولي والإقليمي، فالولايات المتحدة التي يراهن عليها كثير من الأطراف في الداخل ويصرح بأنها تشكل غطاءً داعماً له من خلال القرارات الدولية أعلنت بوضوح وحذرت هذه النخب من مغبة الاستخفاف بهذه المبادرة وضرورة التعامل الايجابي معها وأن يتم التغيير بطرق سلمية وحضارية وديمقراطية وكذلك نحى الاتحاد الأوربي ورفضت أي من دول الجوار تأييد موقف هذه النخب في إسقاط النظام وكفى .
   المشكلة الحقيقية في نظري تكمن في النخب والرافضة لتلك المبادرة أكثر من أصحاب المبادرة أنفسهم ، فعلى الرغم من إقرارنا بأن الحكومة والمؤتمر قد ارتكبت أخطاء ودعمت ممارسة أخلت بالدولة وأضعفتها إلا أن النخب السياسية والشعبية لا تملك نظرة واقعية وسياسية واضحة للأزمة اليمنية، فهي تركب موجة الشباب المتظاهرين للوصول إلى السلطة وتعتبر أشلاء ودماء شباب الساحات قرباناً، للمكوث على الكرسي بطرق وأساليب غير ديمقراطية ، المشكلة الحقيقية في اليمن أنما يرفع من شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" محاكاة للشعارات التي رفعت في مصر وتونس لا يتطابق ولا يتوافق مع الواقع اليمني.. فتونس ومصر توجد مطالب شعبية وتطالب بإصلاحات حقيقية لم تستجب لها الأنظمة فكان السبب في رحيلها، ثم إن كل القوى متحدة في مطالبها ، بينما الواقع السياسي والمشهد الحزبي في اليمن معقد، فهناك أحزاب اللقاء المشترك "تريد نظاماً قبلياً توريثياً دينياً وهناك قوى تريد "فك الارتباط" وهناك قوي تريد تغييراً سلمياً وديمقراطياً وهناك قوى تريد دولة طالبانية وهناك قوى تريد دولة دينية سلفية وهناك قوى تريد دولة ممالك وسلطنات ومشائخ ، هذا التشظي في المواقف والطموحات والإطماع من قبل النخب الشعبية والسياسية والحزبية والاجتماعية يجعل العالم يرفض أن تتجه اليمن نحو الفوضى والفراغ ما لم يكن هناك اتفاق واضح ووجود مشروع سلمي وديمقراطي لاستلام السلطة في اليمن ويفرض التغيير بطرق حضارية وسلمية .
   ما قدمه الرئيس من مبادرة قائمة على الحوار وتداول السلطة بشكل سلمي وحضاري وديمقراطي هي الأقرب إلى روح القوى الشعبية والتي يمثلها الشباب في ساحات التغيير وميادين الحرية، ومبادرة الرئيس هي اللغة التي يفهمها العالم ، فالمجتمع الدولي له مصالح كبيرة جداً في اليمن نظراً لموقعها الجغرافي والسكاني وهو يرفض الفوضى والعنف والفراغ وذلك أن اليمن إذا مرت بمرحلة فراغ وغياب للأمن فلن تتم الأمور كما يتخيلها بعض أصحاب المشاريع الكبيرة بل ستكون دوامة عنف وصراع داخلي لإطراف متناقضة ومتصارعة وغير متوافقة وبين أطراف خارجية واستخبارتية لها أهدافها وأجنداتها الخاصة والمتقاطعة أصل مع مطالب الشعب اليمني ونخبه..
 لن تنتهي أزمة اليمن ومشكلته بالتصريحات ولا بالاستجابة للعواطف والأمنيات وحتى لو حصل الاحتراب والحرب لا سمح الله فإن جميع الأطراف يجب أن تجلس على طاولة الحوار للخروج من حالة الاحتراب وتأسيس لدولة ومشروع وطني وديمقراطي، فالوقت لم يفت على الحوار كما تقول أحزاب المشترك وتخاطب العالم بذلك .
* باحث وكاتب من حضرموت
Binamar25@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد