لغتان الآن تتحدث بهما اليمن: لغة الثورة، الحادة، الحالمة، المشحونة بالعواطف والانفعالات، ولغة السياسة، الهادئة، الواقعية، الحذرة. ولكل منطقها وصوابها، ولكل شيخ طريقة، و لكن..... كلاهما في طريق واحد.
المشترك الآن يخسر قواعده في الداخل، محاولا أن يجد حلا مع الخارج، لسقوط النظام بالطريقة السياسية، ولكن الشباب بكل الحماس الثوري المشروع وصاحب الشرعية، مصرين على أن السقوط لن يكون إلا بالطريقة الثورية "مباشر وصريح وفوري، وبلا ضمانات".
ولا مجال للاختيار بين طريقتين، فمن الواضح أن الطريقة الثورية هي الأجدى والأسلم، لأنها واضحة وصريحة، وقوية، وحادة كالسيف، بما يعني أنها تقطع أي احتمال لخط رجعة أو انقلاب، أو عودة للنظام. ولان الثورة هي لحظة انفعال جماهيري، فان هذا الانفعال تحول إلى فعل وسلوك وثقافة.
ويمضي المشترك في حذره السياسي، فيذهب للمبادرة، وهو يراهن على رفض الشارع لها، ويقبل رهان الخارج، بانتظار أن ينقلب النظام على المبادرة ولا ينفذها، وعندها يمكن ان يفهم هذا الخارج لغة الثورة، إنها الطريقة الوحيدة لإبعاد الهدف المشترك، فالخارج لا يفهم لغة الثورة، لأنه لم يتحدث بها من قبل، وما من طريقة يتحدثها إلا لغة الدبلوماسيين التي تعني فيها الكلمة أكثر من معنى.
وإما ان تحدث المعجزة، ويقبل النظام بالمبادرة، وينفذ وينصاع ويبتعد بالطريقة الدبلوماسية، وعندها ينجح الخط السياسي، وتوضع الثورة في مكانة المحرض للفعل السياسي، وليس في مكانة المنفذ.
إن طريقة الثورة هي طريقة لا تعترف بالخارج، وان قلنا أن اليمن يدار من الخارج، فان الثورة تكلف نفسها لإعادة الدولة والسيادة الوطنية، وتكلف الشباب الكثير، تكلفهم أنفسهم.
والسياسيون الآن يخسرون شارعهم، لكنهم على ثقة أنهم سيستطيعون استعادته لأنهم يذهبون للمفاوضات بهدف نبيل أيضا، وهو إنقاذ اليمن وأرواح اليمنيين. وتبقى الثورة حالمة والسياسية واقعية، ولان الثورة مباشرة وصريحة فهي تحقق أحلامها دائما.
وستبقى الثورة في الساحات، والسياسيون في قاعة المفاوضات. وليس هناك أي خوف طالما الشباب في خيامهم ليل نهار، وتوكل كرمان في المنصة تستحث حماسهم، وسيظل هؤلاء أوفياء لدماء أصدقائهم الشهداء، بإبقاء الصف موحدا والثورة سلمية.
فالنظام الآن ينتظر لمن سينجح بشق صفهم، ويقدر على جرهم لمربع العنف، ويبذل النظام في ذلك ما استطاع، وليس له صبر للانتظار، فلا تستبعدوا أيها الثوار وجود المندسين بينكم الآن، يحرضوكم على شق صفوفكم، ويقوون الخلاف بينكم، فلا خلاف جوهري يستحق النقاش، الثورة لها هدف واحد الكل متفق عليه، ولها قادة هي اختارتهم، ولا يجوز الآن سماع أي أصوات لا نعرف مصدرها.
monasafwan@hotmail.com
عن المصدر أون لايــن
منى صفوان
خطان متوازيان 2239