ما تزال القوى العسكرية تحيط بمدينة زنجبار، إحاطة السوار بالمعصم، لكنها لا تجرؤ على اقتحام المدينة وتطهيرها من الجماعات المسلحة التي باتت أعدادها تتناقص يوماً بعد يوم، ولم يصمد منهم إلا الوافدون من الأقطار العربية والإسلامية، يرافقهم عدد قليل جداً من اليمنيين، لكن القوات العسكرية اكتفت بمناوشتهم بالمدفعية والطيران الذي كان قصفه وبالاً على المدينة وبرداً وسلاماً على المسلحين.
وبلا شك، فإن استخدام الأسلحة الثقيلة والطيران في محاربة عصابة مسلحة كثيرة الحركة لا يجدي، ولكنه يضاعف من مأساة المدينة ويضر بأهلها حين تدك منازلهم بعشوائية وتخبط.
إن سيناريو حروب صعدة الستة يتكرر اليوم في أبين، ويتجرع مرارته أبناء أبين الذين شُردوا من منازلهم بسبب القصف العنيف على المدينة من قبل القوات العسكرية، فصار المسلحون أرحم بالمواطنين من هذه القوات المفترض فيها –جدلاً- حماية المواطنين وتحرير مدينتهم.
إن نزوح المواطنين لم يكن خوفاً من الجماعات المسلحة "أنصار الشريعة" كما يسمون أنفسهم، لأنهم لا يؤذون المواطنين، لكن النزوح بسبب القصف العشوائي الذي تسبب في تدمير المنازل والمباني وإزهاق الأرواح وإراقة الدماء.
أن الفرق واضح وجلي بين مسلحين يقاتلون بعقيدة راسخة في عقولهم –على خطلها- وبين قيادات عسكرية وجنود يقاتلون بلا عقيدة وطنية وإنما من أجل المجهود الحربي، وهذا هو السبب الرئيسي في هزائم جيوش جرارة تنوء بأحمال السلاح المتعدد أمام مجموعات وأفراد يحملون شيئاً يسيراً من السلاح، لا يتجاوز البوازيك المحمولة على الأكتاف والسلاح الشخصي، وهذا بالضبط ماحصل في صعدة حين مكث الجيش اليمني "6" سنوات بكل عدته وعتاده وبمساعدة بعض الميليشيات الشعبية، يحارب مجموعة قبلية تسمى "الحوثيين" ولم يحقق أي انتصار في الميدان حتى بعد دعم الجيش السعودي الذي طهر حدوده في أيام معدودة.
واليوم يتساءل أبناء أبين: هل بمقدور القوات العسكرية تحرير العاصمة زنجبار؟ ليعودوا إلى مدينتهم بعد أن هجروها قسراً؟ أم أن عليهم أن يبحثوا عن وطن بديل؟! حقاً إنها مأساة الوطن الجريح.
منصور بلعيدي
أهالي زنجبار.. بين أمل العودة والوطن البديل 1988