إن الكلمات لتعجز عن وصف ما آلت إليه الأوضاع في زنجبار الحبيبة التي تعيش في أنين وتذرف دموع الحنين، وحالها يدمي القلب الحزين، فكل ما وجدته من أبنائها ـ البارين أو التي ظنت أنهم كذلك ـ صمتاً وتخاذلاً مهيناً وعلامات استفهام وذهول ودهشة ترتسم على محيا المواطنين، حيثما كانوا وأينما كانوا، يبحثون عن إجابات شافية ومقنعة من دون جدوى، لعل أهمها:
أين أبين من اهتمام الفريق/ عبدربه منصور ـ ابن المحافظة والقائم بأعمال رئيس الجمهورية ـ والذي جعل من منزله بمثابة الأمم المتحدة للإصلاح بين الأطراف المتازعة في صنعاء.
فأين أبين من هذه الجهود، أليس عليه واجب عظيم تجاه أهله وصحبه وذويه وتجاه العاصمة البائسة التي غدت اليوم خاوية على عرشوها، تندب حظها العاثر وتبكي زمنها العابر، حالها لا يسر عدواً ولا حبيباً؟ بعد الاكتفاء بدور المتفرج وما رافقه من تعتيم إعلامي عجيب، فضلاً عن عدم جديته في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مواطنين مازلوا صامدين في منازلهم، فقد أجبروا على البقاء لفقرهم وشدة حاجتهم وآخرين، لديهم من الأسباب ما الله به عليم، فإذا بهم على حال يرثى له، ينتظرون الفرج مع إشراقه كل يوم جديد بتحركات جادة ومساع حميدة ومثمرة عاجلة وغير آجلة لإخماد نار الحرب وإطفاء جمرها حتى يلتم شمل الأسر المشتتة التي يمزقها الحنين والشوق للمودة الآن وقبل الغد فقد ملوا حياة التشرد والتسول التي فرضت عليهم قسراً لما غادورا منازلهم مرغمين لما رأوا في الجميع التقاعس فتمزقوا وتشتتوا في بلاد الله وهم من كان يظن أن أمد الحرب لن يطول وسيحضى بالحلول المرضية ويحظون باهتمام المعنيين محليين وإقليميين ودوليين، غير أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن وها هي الحرب قد انتصف شهرها الثاني ويخيم على أبناء أبين الظن والشعور بالهزيمة فلا عمهم نفع ولا خالهم شفع وهذه رحى الحرب تطحن خيرة الشباب، أكانوا من هذا الطرف أو ذاك ونزوح لم يرحم صغيراً ولا أعتق شيخاً كبيراً أو صموداً لمواطنين وجدوا كل الظروف المحيطة لهم بالمرصاد.
وهو ما دعانا لتوجيه نداءات متعددة واستغاثات متكررة لجميع المنظمات الإنسانية والحقوقية المحلية والإقليمية والدولية للتدخل العاجل وإنهاء المعاناة ووضع الحد لهذه المأساة والمحنة التي ألحقت بالكوارث بمحافظتنا الأبية وعاصمتها الصابرة والحائرة والتي لا نعلم لماذا اختيرت هي بالذات ساحة للمواجهات المسلحة، فأدت إلى ما أدت إليه من ترويع وترهيب وتخريب وتدمير ونزح وإذا بأعزة الأسر غدت أذلة وأخرى افتقدت الأمن والاطمئنان، يقلتها الحنين ويمزقها الأنين، يحلمون بالغد الذي يحمل تباشر السلام وإعلان الأمان للأنام، ولا نخفيكم أننا ما زلنا نستبشر بجهود الخيرين والشيوخ والعلماء في تكثيف المساعي والجهود لحقن الدماء إكراماً لحرمة الشهر الكريم ورفقاً بالنساء والأطفال والمستضعفين من الشيوخ والمعنيين وبالمواطنين الصامدين الذين أنهكهم الحصار وانعدام الخدمات الأساسية إذ لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء أو دواء ولا بترول للإنارة بالمواطير ولو حتى لبيوت الله التي نالت هي الأخرى حظها كاملاً غير منقوص من الظلام.
وهكذا فالمواطنون في زنجبار ومحيطها يعيشون الخوف ويشربون الرعب ويشتمون رائحة البارود ويفتقدون الأمان وراحة البال بعد حلول هذه الكارثة التي لم تكن على البال ولا على الخاطر، وكم تمنيت أن يكون للبعثة الأممية دور فاعل وأن تضع زنجبار ضمن الأولويات وأن تحضها بالنزول الميداني وأن يكون لجميع الفعاليات الدور البارز في هذا الاتجاه وأن تجند كل الجهود من قبل الناشطين والحقوقيين، فجراح أبين ينزف وأيهما أولى تضميد الجارح أم تركها تنزف وتنتظر لجنة أممية جديدة تأتي بعد خمسة أو عشرة أشهر لترفع تقاريراً تدين وأخرى تشين ما كان وتنكر ما حدث وتصفه بالبشاعة واللا إنسانية بعد أن يكون الآوان قد فات وقد قلناها سابقاً ونقولها اليوم:
نريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحركات عاجلة قبل أن يهلك الحرث والنسل وها أنذا أجدد النداءات والاستغاثات وأرفع إلى الله الابتهالات أن يصلح أحوال المسلمين وأن ينعم على البلاد والعباد بنعمة العباد التي افتقدوها في هذه الأشهر الحرم، آملين أن تجد جهود كل الخيرين التجاوب اللازم والتفاعل الجاد لإيجاد الحلول المرتجاة والمناسبة التي تعيد لنا آدميتنا المفقودة وكرامتنا المهدورة التي مزقها التجاهل وهدرها التخاذل.
عفاف سالم
أين زنجبار من اهتمام المعنيين ومنظمات الحقوقيين؟ 2217