إن بناء الثقة في النفس من خلال الثقة في الله تعالى وحسن الظن في الله عز وجل، وذلك يقتضي أن نؤكد على أهمية الصبر الإيجابي، وهو نوع من الصبر يقوم على بناء الجسور الحقيقية لبناء الخطوات الحاسمة للثورة، وهي خطوات تقوم على إدراك أن الثورة ليست نزهة بل هي جهد مبذول، وعطاء متواصل.
لقد سجن نيلسون مانديلا سبعة وعشرين عاما، هي العمر الحقيقي للإنسان، فما تراجع عن العطاء لبلاده، وأخرجها بصبره ونضاله السلمي من نظام الفصل العنصري، وإن الثوار قد أخذوا على أنفسهم تحرير اليمن من الاستبداد وثقتنا في الله كبيرة أن ينصرهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
إن الثقة في النفس تتأكد من خلال واحدية الهدف في ظل التنوع الذي فخرنا به طوال الوقت، فاليمن هي بلد التنوع فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل لليمن أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال راوي الحديث واليمن مخلافان، وكانا يسيران قريبا من بعضهما بعضا.
إن ثقتنا في أنفسنا تقتضي ثقتنا في قدرات شعبنا العظيم، الذي صنع الثورة وحماها، والذي قدم التضحيات الجسيمة لأجل تحقيق الثورة لأهدافها، فقدمت كل ألوان الطيف السياسي شهداء، وبذلت كل المحافظات شهداء.
إن الثقة في النفس تقتضي سياسة النَّـفَس الطويل، فنحن نأمر بالقسط والله يحب المقسطين، ونحن نطلب العدل وهو أمر الله إلى الخلق، قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (90) سورة النحل ، فإيماننا بعدالة قضيتنا، يجعلنا نثق في أنفسنا، وندرك كذلك أن عاقبة الظالمين بائسة، قال الله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء. فعاقبة السوء عليهم عن فرعون، قال الله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (40) سورة القصص، وقال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (40) سورة العنكبوت.
إن الثقة في النفس تقتضي الثبات وإشاعة ثقافة الإصرار في طلب الحقوق بصورة سلمية، إن ثقافة الإصرار هي التي فاجأت النظام بنفس القدر والقوة التي فاجأه قيام الثورة، فالثورة حياة ولا أحد يمل الحياة، ولن نمل الثورة حتى نَـمل التنفس، لقد راهن النظام على الملل، ولكن الله تبارك وتعالى أنزل السكينة، ونزلت الطمأنينة على الساحات والميادين في طول اليمن وعرضها، لقد أندهش العالم بثبات الشعب اليمني وإصراره على مطالبه وعلى سلميته في الوقت ذاته.
إن الثقة في النفس تستوجب أن نرى تعاظم الالتفاف الشعبي حول الثورة، وهو ما يجب الاستمرار فيه ليكتمل الالتحام التام بين الثورة والشعب كما حدث في مصر فقد خرج إلى الشارع ثمانية ملايين في القاهرة، التي عدد سكانها عشرين مليونا، أي أن كل الناس كانوا في الميدان، لأن من لم يكن في الميدان بقي ليحمي الشقة أو يحمي الأحياء السكنية والمؤسسات الوطنية فهو في مهمة ثورية، إن هذا ما علينا القيام به، وأن نثق في قدرتنا على صناعته إن شاء الله، فما زالت الثورة تأخذ ألقها، وتستمر في توسعها، وتوسع من مداراتها وفضاءاتها، ومن هنا ندعو جميع الثوار والثائرات إلى شحذ الهمة، ودعوة كل من نعرف إلى الساحة، وإلى صلاة الجمعة، وإلى الإنفاق المالي على الثورة وعلى الثوار وعلى الجرحى وعلى أسر الشهداء.
شكرا شباب الثورة على حملة النظافة أمس:
أعاد شباب الثورة للعمل الطوعي ألقه، وأثبتوا أنهم مستقبل اليمن الواعد، وأن اليمن بثورتها تفتح آفاق المستقبل لإزالة مخلفات النظام السابق، وكما أزالت الثورة المخلفات المادية المكدسة في العاصمة صنعاء سيزيلون بإذن الله تعالى كل مخلفات النظام التي أثقلت كاهل اليمن إنسانا وتاريخا وأرضا ومجتمعا وبيئة.
د. محمد عبدالله الحاوري
ثورة الثقة في النفس 2089