إن أمام الشباب والثوار أن يقوموا بواجباتهم النضالية بتحريك القوة الصامتة التي تتفرج وهي مسؤولة أمام الله عن كل قطرة دم تراق، ومحاسبون عن كل جرح لجريح، وعن كل ألم لمتألم، وعن كل ظلم يقع على مظلوم؛ وعن كل مصيبة يصاب بها مسلم يقدرون على نصرته؛ لأنهم لو خرجوا إلى الساحات لكانت الثورة قد حسمت.
إن من استنفاد الطاقات لنصرة الثورة تحريك الآلة الإعلامية لإنقاذ ضحايا التلفاز، ومنكوبي قناة سبأ والإيمان، والمغرر بهم من تلفزيون اليمن، وهؤلاء كثير، وكذلك الزحف الإعلامي ومحاصرة النظام بكل الوسائل، يجب أن يستيقظ كل المغفلين والمخدوعين في هذا النظام.
إن فتح مكة سبقه فتح صلح الحديبية، حيث تحركت آلة العمل التوعوي لنشر الإسلام، أما هذا فنحن جميعاً مسلمون، فكراهة الظلم والخوف من الله ومحاسبته لكل صامت، يجب أن تكون ثقافة نصرة المظلوم وإزالة الظلم ثقافة توعية سائدة.
أيها الصامت: ماذا ستقول لله تعالى غداً، وأنت قد رأيت قتل الأطفال وتيتيم الصغار وحرق المعاقين؟ بماذا ستجيب على الله إذا سألك؟ وهل لديك من جواب؟ أيها الغني الذي لا ينفق على الجرحى والشهداء والثائرين ألا تخاف سؤال الله لك إذا قال لك ألم أعطك المال، فماذا صنعت للبطون الجائعة، والأجساد العارية، وأنات الجرحى، وحشرجات القتلى، وتأوهات المصابين، أم تظن أنك ستنجو من الحساب، وكأن الله عز وجل لم يأمرك بمعروف أن تأتيه ولا نهاك عن منكر أن تجتنبه؟.
ومن هنا يمكن القول: إن استنفاد الطاقات، وانتصار الوعي هو ما ينبغي على الثوار القيام به، بدلاً من التلاوم الذي قد يؤدي إلى تصورات خاطئة، وإلى مواقف خاطئة كذلك، فيذهب البعض إلى لوم اللقاء المشترك، أو المعارضة، أو غيرها، والأولى بالجميع أن يسعوا لتحريك الطاقات لاستنهاض الضمير الحي في كل الصامتين، وفي قوات الحرس والقوات الخاصة لتصحوا ضمائرهم، فيكفون عن القتل، وفي تكاتف الجهود بالعمل لنشر الفكر الثوري، والفعل الثوري السلمي، والتعريف بالثورة أمام الجهات العالمية ومراسلتها عبر الانترنت.
إن الثورة ورثت تجهيلاً للشعب، بلغ حد غسيل الدماغ، حيث تصور الجيش العائلي أن اليمن هي الرئيس وعائلته، في حين اليمن ليس شخصاً ولا عائلة، كم تحتاج بلادنا من الوقت ليدرك الجيش أن قتل المواطنين بغير الحق حرام من الناحية الوطنية والشرعية والإنسانية؟، فأي مكروه أصاب جيش اليمن حين تتجه البندقية اليمنية لقتل المواطن اليمني، إن هذا الإرث الثقيل لم يؤخر النصر فحسب، بل دفعت اليمن ثمنه غالياً من القتلى بامتداد الوطن اليمني؟، وأن الدم اليمني رخيص لدى النظام الذي يقتل بلا رحمة، ويدمر بكل قسوة، بكل عنف، ومع ذلك فإن هنالك من المواطنين من لا يزال مخدوعاً في نظام صالح، برغم أن النظام قتل النفس، وقطع المشتقات النفطية والتيار الكهربائي وهو ما تضرر منه أنصار النظام والفئة الصامتة التي خرجت تعتصم في محطات الوقود الغائب، بدلاً من أن تأتي إلى الساحات للحسم السلمي.
إن الثورة ورثت تركة كبيرة من طابور طويل عريض من المفسدين الذين تربوا في أحضان النظام ليستخدمهم في قمع الشعب، وتخريب كل مكونات حياته، وهو ما ظهر جلياً من تحركات هذا الطابور من البلاطجة والقتلة والمأجورين والقاعدة وأصحاب الذمم الرخيصة من الإعلاميين والمتاجرين بالدين من علماء السوء، ودكاكين علماء السلطة من تنابلة السلطان، وهذه التركة الثقيلة أسهمت في إثخان الوطن بالجراح العميقة، ووصلت بهذا الطابور الخبيث إلى قتل الناس المصلين بعد فراغهم من صلاة الجمعة، أو إلقاء الغازات السامة بعد الفراغ من صلاة الفجر، أو قتل المعاقين في تعز في قسوة لم تكن لتخطر على بال أشد الناس تشاؤماً، فقسوة النظام وأزلامه تفوق الوصف، وهذه القسوة تسير بأيدٍ مدربة على الدمار والخراب، وهي جزء من التركة الثقيلة.
إن الثورة ورثت دولة تسلم كل كيانها للسفير الأميركي، فطالما والجميع يطالبون السفير الأميركي لتسليم السلطة وهو ما يوجب على الثوار العقل في حشد اليمن كلها وراء الثورة، حتى لا يبقى مع النظام وأزلامه سوى القتلة، فذلك نهج قرآني في نزول الهلاك بالظالمين ذكره الله تعالى في سورة الفتح قال الله تعالى: لو تزيلوا لعذبنا، فإن الثورة تملك القوة الشعبية وهي القوة المصدر لكل القوى المادية ومن خلالها تتمكن الثورة بإذن الله من الحسم، فالخارج يريدون أن تنهزم ثورتنا حتى لا تتحول إلى ملهمة لدول الخليج.
إن الثورة ورثت نظاماً يرى اليمنيين مجموعة من المساجين إذا طالبوا بحقوقهم تم قطع الكهرباء والماء والخدمات الحياتية عنهم حتى يثوبوا إلى رشدهم، وهو ما يقوله المخبرون من أبواق النظام، حيث نسمعهم يقولون: إن اليمن كانت أحسن قبل ثورة الشباب كانت الكهرباء موجودة، برغم أنها لم تكن موجودة، وكان ترددها يدمر الأجهزة الكهربائية، وهكذا في سائر الخدمات، فيؤكدون بذلك إنهم يتعاملون مع الشعب بعقلية السجان، فقد أعلن المسؤولين في الكهرباء إن الشعب مسجون وعودة الكهرباء مرهونة باتفاق سياسي هناك من لا يزال مخدوعاً فيهم، وبهؤلاء المخدوعين يحاربون الثورة، ويقتلون بقسوة باعتبار الثوار أثواراً بتعبير النظام أحد أركان النظام العائلي، وبالتالي لا ضير أن يقتل عشرة أثوار هنا، أو ألف ثور هناك، هذا احترامهم لشعبهم وتلك نظرتهم إليه، أثوار، وهم من يؤدب القطيع بالضرب، فإن لم يفهم فبالقتل، إنهم ليسوا مواطنين، ولكنهم أثوار فقط لا إنسانية لهم ولا حقوق مواطنة تحميهم، ومع ذلك هنالك من لا يزال مخدوعاً في هذا النظام.
د. محمد عبدالله الحاوري
استنفاد كل الطاقات لنصرة الثورة 2105