إن مخططات بقايا النظام الإرهابية تقوم على الدمار والثورة عمار، ورؤية النظام للمستقبل تقوم على النظر إلى اليمن وهي حرب أهلية، والثورة ترى اليمن دولة مدنية تستلهم العدل والمساواة والحرية وفق شريعة الله العدل، وعلي صالح ونظامه يرسل الموت للكبار والصغار من أبناء اليمن، والثورة تريد يمناً جديداً ممتلئا بالحياة والحيوية، معتمدة على مسألة غاية في الأهمية والبساطة، هي: الحفاظ على السلمية، وواحدية الهدف، والقبول بالتنوع.
إن التحرر من الانزلاق في الفعل وردة الفعل التي يريدها النظام وبقاياه لليمن ضرورة وجود، إن علينا أن ننظر إلى الأمام طوال الوقت، وأن نأخذ الحكمة من الحياة فزجاج السيارة الأمامي كبير في حين أن حجم المرآة التي ينظر فيها السائق إلى من خلفه صغيرة، وذلك لأن المستقبل أهم من الماضي، وأنه لا مستقبل لمن يضع الماضي وأحزانه بديلا عن المستقبل، إن علينا أن نسير إلى الأمام بدون توقف؛ لتحقيق الأحلام الكبرى، ففي الحكمة: ليس الحلم ما تراه أثناء نومك، وإنما هو الذي لا يتركك تنام.
إن السير إلى الغايات الكبرى يستوجب الحذر من التردد بين الفعل وردة الفعل، ومن هنا ينبغي استجلاء الحقائق التالية في هذا الصدد:
* الاشتباك مع المستقبل وليس الاشتباك مع الماضي، ونعني بذلك أن نتجه لبناء اليمن الجديد، اليمن الذي يتطلع إلى حياة أفضل، وخدمات أفضل، وتعليم أفضل، وصحة أفضل، واقتصاد أقوى، وهكذا في سائر المجالات، إننا لن نسمح لأنفسنا باحتراف الشتيمة، فالسباب لا يبني الأوطان، إن الذي يبني الأوطان هو العرق في الميدان، وهو أمر يجب أن يبدأ الآن.
* القبول بالتنوع طوال الوقت، وهو ما تحقق على الأرض إلى الآن، وهنا نشير إلى ضرورة التحرر من تضخم الذات لدى بعض فئات الثورة، فكل مكون من مكونات الثورة يرى أنه الأكثر تواجداً وقوة، والصحيح أن الثورة بمجموعها مرهونة بالقبول بالتنوع وحمايته، ووسيلة هذا القبول تتمثل في التخلي عن ورم تضخم الذات، فهو عاهة حقيقية لمن يعاني منه.
* التحرر من الخلاف اللفظي وهو ما تحاول السلطة جاهدة على تفعيله طوال الوقت، وهي اللعبة التي أجادها النظام سياسياً، حيث كان يزج بالعلماء والسياسيين في خلاف لفظي حول المصطلحات في حين يمسك النظام بتلابيب اليمن، ويختطف كل مقدراته.
من هنا نقول: إن الخلاف اللفظي متاهة يقوم النظام بها ويدسها في طريق الثورة لتمزيق جماعتها، وتفريق كلمتها، لقد عاشت السلطة على الخلاف اللفظي الذي أوجد الفتن كلها داخل اليمن، ففي حين كان النظام يحول اليمن إلى ملكية عائلية، كانت الحياة السياسية قبل الثورة الشبابية تقوم على العبث بلفظ الحوار، الذي فقد مضمونة من كثرة الكذب به.
ونؤكد هنا ـ حسماً للخلاف في كثير من القضايا اللفظية ـ أن الدستور لا يحتاج أي تغيير سوى في موضوع شكل النظام من الرئاسي إلى البرلماني، ونظام القائمة النسبية في الانتخابات، وتحديد رئاسة الدولة بفترة واحدة، فإن كان خيراً يكفينا فترة واحدة، وإن كان سيئاً فيكفينا فترة واحدة، لقد استطاع عمر بن عبد العزيز إقامة ميزان العدل في ثلاثين شهراً، فهل نطمع أكثر مما فعله عمر بن عبد العزيز.
* التنبه من المندسين التابعين للنظام أو لجهات خادمة للنظام، وهم الذين يوصلون الشباب إلى فم الموت ثم يتركونهم، وهو ما تكرر أكثر من مرة في جولة كنتاكي، من هنا يجب الحذر من أعداء الثورة الذين يندسون باسم الثورة والتصعيد، فهدفهم واضح هو قتل الشباب، وإيصالهم إلى مرمى نيران بقايا النظام وبلاطجته.
* الاهتمام بالعمل الطوعي هو أهم واجهة للشباب لإثبات قدراتهم على الأرض في بناء اليمن الجديد، والتحرر من البطالة الفكرية والذهنية والتطوعية التي زرعها النظام في عقلية اليمني، فسجن اليمن في سجن انتظار المساعدات، وحرمه مساعدة نفسه بالعمل الطوعي والتكافل الاجتماعي وممارسة العمل الخيري، وبهذا يكون الشباب قد برهنوا على الأرض عن اليمن الجديد الذي تحلم به اليمن.
* البعد عن تقديس الأشخاص، والأحزاب والهيئات، وعدم تجريحها أيضا.
* إرجاء كل ملفات الفساد ومحاسبة المفسدين إلى القضاء العادل، وأن تكون قرارات القضاء تستمد قوتها من قوة القانون، وللسلطة التنفيذية حق العلم فقط، وبحيث لا يرتهن القضاء في يد السلطة التنفيذية، وأن يختار القضاة مجلسهم بأنفسهم، ورئيس مجلس القضاء بصورة مباشرة. وأن الخلافات كلها تحل عن طريق الحوار والصلح، ما لم فعن طريق القضاء الحر والمستقل، وهنا نؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأن حق الرحمة والعطف والعفو مكفول لكل أحد.
* رفض تعطيل مؤسسات الدولة وعدم القبول بتسخيرها لغير الوطن والمواطن، فلن نسمح باختطاف اليمن مرة أخرى، ولا بتسخير شعبنا ومؤسسات الدولة وجيشها للأغراض الشخصية والحزبية أو السلالية تحت أي اسم وبأي صفة، ومن أي طرف.
* اعتبار الانتخابات الحرة والنـزيهة هي الحل، وينبغي أن تكون مدة أي مكونات قيادية تفرزها الثورة محدودة الوقت والصلاحية، وأن تستهدف حفظ الأمن، وتصريف شؤون الحياة، والإعداد للانتخابات الحرة والنـزيهة.
* وأخيرا التطهر من روح الانتقام، وتلك سنة نبوية، فشعار اذهبوا فأنتم الطلقاء، الذي رفعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة، هو العلاج لكل الجروح، وهو النهر الطاهر الذي تغتسل فيه اليمن من أدران نظام صالح وعائلته، وأن الله تعالى سيهلك الظالمين بالظالمين، وأن من تلطخت أيديهم بالدم هالكون ما لم يتوبوا التوبة النصوح.
صلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،،،
د. محمد عبدالله الحاوري
لا للانزلاق إلى مخططات النظام وبقاياه 2144