إن الناس يحطون ذنوبهم في رمضان، وهؤلاء يقترفون القتل فيه، فأين سيحطون ذنوبهم؟ ففي الأثر: "هذا رمضان قد جاء، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له؟ إذا لم يغفر له فمتى؟"
فلماذا يقتلون؟
عندما نسأل الوحش: لماذا تقتل؟ يجيبنا: أقتل لأعيش وحين نقول له: إنك بهذا الإعتراف تقول:إنك قاتل، يبرر تصرفه بالقول: إنني لا أقتل أكثر من حيوان واحد أقتات عليه، وعندما تسقط الضحية في يدي، يدرك القطيع كله أنني لن أتعرض لأي فرد من أفراده بالخطر، ويعودون لممارسة حياتهم الطبيعية، مدركين أن الوحش يقتل ليعيش وليس ليرضي نفساً مريضة بحب القتل والدمار.
خطر ببالي هذا الكلام ومشاهد القتل التي تمارسها مليشيات بقايا النظام وبلاطجته في أرحب، وتعز، ونهم، والحديدة وكل ربوع الوطن، ماثلة للعيان، فحكومة تصريف الأعمال لا تعرف سوى إطلاق النار على المواطنين بامتداد اليمن، ولم نسمع من أحد من وزرائها استنكار قتل الحرس الجمهوري ومليشيات بقايا النظام للمواطنين الأبرياء.
ماذا جنى المواطنون حتى يقتلون؟ وترسل لهم قذائف القتل من عدة ألوية من الحرس الجمهوري تقصف كل شيء في أرحب، حتى رمضان انتهكت حرماته، أي مكروه أصاب جيشنا العظيم.
تفتلون لأجل الله، كلا فإن الله تعالى لا يرضى بقتل الأبرياء، ولو سألنا على مدى "33" عاماً كم قتل من الجيش في سبيل الله تعالى، أو ابتغاء رفع كلمة الله عز وجل؟! لأجل الوطن؟ كلا فأنتم تقتلون أبناءه، وتسحقون مواطنيه، وتقتلون اليمنيين وتمثلون بأجسادهم الطاهرة، في وحشية لا يعرفها الوحوش.
لأجل عيالكم. كلا، فأنتم مظلومون مثل من تقتلونهم. وأنتم تقتلون بلا مبرر، وأنتم تقتلون ليبقى الظلم الذي أنتم تكتوون بناره، فلماذا تقتلون؟
كم من الشباب في القوات المسلحة يُقتل أحدهم، فيسأل الناس: هل هو متزوج؟ فيقال: نعم. فيسألون مرة أخرى: عنده أولاد؟ فيقولون: معه ولد عمره سنة، ويطمئن الناس أنه قد خلف، لكي يكبر وتتلقاه وجبة أخرى من وجبات النظام في القتل، فمن ولد في حرب المناطق الوسطى قتل في حرب 94م، ومن ولد في حرب 94م قتل في حروب صعدة، والآن القتل يصل إلى القرى من عدة ألوية تقصف أرحب وتقتل الآباء وهم يحاولون إسعاف أطفالهم، وتقتل الطفلة وأمها.
كم قتل في المناطق الوسطى؟ المئات من أبناء الجيش، ولنا أن نسأل ما مصير عوائلهم؟ وكم قتل في حرب صيف 94م من أبناء قواتنا المسلحة وفي حروب صعدة؟ والآن كم قتل الجيش العائلي من المواطنين في ساحات التغيير وصنعاء وأرحب وتعز وغيرها؟ ولنا أن نسأل كم قتل من أبناء المسؤولين لا يوجد، فهم يقدمون أبناء الجيش للمحرقة، وقانونهم: إذا قتل جندي سنوظف مكانه جندياً آخر، فهو لا قيمة له كأنه شيء يستبدل بشيء آخر.
ما أبشع الإنسان حين يكون الوحش خيراً منه، وما أشقاه حين يكون أكثر خطراً على الحياة والأحياء من الوحش المفترس، اقتدوا بالوحش، فإن الوحش يقتل ليعيش، وأنتم تقتلون لماذا؟
لقطة تاريخية:
بينما رجل من أولاد أبي موسى الأشعري يمشي متبختراً إذ قال له أحدهم: انظروا إليه يمشي متبختراً كأن عمرو بن العاص لم يخدع أباه، نقول هذا الكلام، لأن التاريخ سيكتب أن فلانا أو فلاناً لم يفعل ولم يقف الموقف المشرف في خدمة اليمن، كان موقفه في خدمة النظام، يخاف الإنسان أن يكون عاراً على أبنائه فيعيرون بموقفه لأجيال وتتناقلها الكتب أبد الدهر، يحتاج الإنسان إلى الموقف الصحيح أكثر مما يحتاج إلى الحياة ذاتها.
د. محمد عبدالله الحاوري
لماذا يقتلون؟ .... 2285