ما زال اليمن يشهد وضعاً متأزماً وفراغاً سياسياً خطيراً، ومثل هذه الهشاشة قد تؤدي إلى اهتزاز الدولة ومؤسساتها في حال انشقاق جزء من النخبة السياسية، ويبدو أن المبادرة الخليجية تمثل الحل الأمثل لتجنيب البلاد الوقوع في حرب أهلية وللحفاظ على وحدتها، وحتى لا ينفرط عقدها، أو تتحول إلى صومال ثانية.
اليمن أصبح مهدداً بالصوملة، في حال عدم الاتفاق على انتقال سلمي للسلطة، يؤمن قيام حكومة وحدة وطنية قادرة على إبقاء حد أدنى من التماسك على الصعيد الوطني، فهناك محافظات يمنية صارت كيانات شبه مستقلة، ولم يعد هناك وجود للسلطة المركزية، فهناك مشاكل ضخمة في اليمن، تبدأ بالاقتصاد والفقر والجهل، إلى التطرف الديني، مروراً بالنمو السكاني.
اليمن بحكم ضعف بنيته وقلة إمكاناته الاقتصادية، وقوة القبيلة فيه، يعاني اليوم هشاشة سياسية بالغة، وبوصول الأمور إلى ما وصلت إليه من تناحر عائلي على السلطة، فإن عنان الأمور قد ينفلت وتدخل البلاد في أتون حرب أهلية.
ويتوجب على اليمنيين الاعتراف بهذا الواقع، والخروج من أسر تصفية الحسابات الشخصية أو العائلية أو غيرها.. ولذلك لا يمكن الاستخفاف بما يجري في تعز والمناطق المحيطة بها، والتي تعد من أكثر المناطق في اليمن كثافة سكانية، فالانتقال إلى المرحلة الجديدة لا يمكن أن يحصل عن طريق إلغاء الآخر، وحده الحوار يمكن أن يحمي اليمن ومستقبل اليمنيين..
في انتظار الاتفاق على صيغة مختلفة، تأخذ في الاعتبار أن اللامركزية الموسعة هي وحدها الكفيلة بتوفير إطار يقي من الحروب الأهلية والتفتت، ويتيح فسحة من الوقت أمام القبائل المتناحرة كي تتصالح، وربما الاستجابة لمطالب اليمنيين البسطاء في قدر من الإصلاح الحقيقي في بلادهم.
اليمن في حاجة إلى مشروع سياسي جديد للبلد، ومن واجب النخب العاقلة فيه تغليب المصلحة الوطنية لليمن وشعبه على المصالح الشخصية للأفراد، أياً كانت رتبهم ومكانتهم، فالدولة في اليمن واستمرارها وحيويتها، أمر جوهري لجميع دول المنطقة، بل وللعالم أجمع، لذلك فإن خيار المبادرة الخليجية يعد الحل الأفضل لحل الأزمة الراهنة، وتجنب تدخل دولي عبر مجلس الأمن لفك الصراع الدائر، وفي هذه الحالة سيفرض المجلس شروطه على اليمن دون انتظار أي موافقة.
نقلاً عن البيان الإماراتية
رأي البيان
هشاشة النظام 1694