التسامح يصنع التفاؤل، والتفاؤل يصنع السعادة.. هكذا قال الشيخ/ صالح بن حليس ـ في خطبة عيد الفطر ـ فكان بارعاً في اختيار موضوع الخطبة، حولها إلى ما يشبه العلاج النفسي منه إلى الوعظ الجاف، تحدث عن السعادة كمطلب لكل إنسان، وغاية كل فرد.. يسعى إليها الناس.. يبحثون عن أسبابها في دروب الحياة ومسارب الوجود الإنساني، ولكن القليلون هم من يجدونها "وقليل ما هم".
السعادة مفتاحها التفاؤل لأنه يصنع الأمل، والأمل يصنع العمل، والعمل يصنع النجاح، والنجاح يصنع السعادة وهي أكسير الحياة.
عش متفائلاً مهما بلغت بك الكروب، عش متفائلاً مهما تعرضت للخطوب، عش متفائلاً مهما بلغت بك الكروب، عش متفائلاً مهما تعرضت للخطوبـ، عش متفائلاً مهما اتسعت الدروب، عش متفائلاً مهما قست عليك الحياة، فإن التفاؤل هو سر السعادة فكن متفائلاً؟ سمحاً تجد راحة البال وسمو النفس وحب الله والناس..
ذات يوم قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم آـ لأصحابه: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة!!.
فدخل عليهم رجل من عامة الناس.. وفي اليوم الثاني كرد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم نفس القول، وجاء نفس الرجل.. وفي اليوم الثالث تكرر المشهد نفسه.. فما كان من عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ إلا أن التقط الفرصة، وذهب إلى الرجل في بيته، مدعيا ًخلافاً مع أهله وأنه أقسم أن يغيب عنهم ثلاثة أيام فهل تقبلني عندك؟!.. رحب به الرجل وخلال ثلاثة أيام متتالية لم ير عبدالله بن عمر أي جديد في عبادته، فنسأل الرجل ـ بعد أن أخبره أن لا خلاف له مع أهله وإنما أراد اكتشاف العمل الذي ضمن له الجنة ليعلمه هو ـ قائلاً: سمعت رسول الله يقول: إنك من أهل الجنة وأردت معرفة العمل الذي أوصلك إلى هذه المرتبة الرفيعة شيئاً جديداً فهل أخبرتني بما أوصلك إلى هذه المرتبة العالية؟! قال الرجل: ليس لي ما أتفوق به عن أخواني المسلمين فأنا أصلي كما يصلون وأصوم مثل ما يصومون ولكنني لا أوي إلى فراشي إلا وقد عفوت عن كل من أساء إلي ومحوت من قبلي كل حسد أو حقد على المسلمين، قال عبدالله: "تلك هي.. تلك هي" ويعني التسامح.
غن فرصة العيد يجب أن يستغلها كل مسلم لتصفية قبله من الأحقاد والضغائن ويملأه بالعفو والتسامح، لينشد السلام والمحبة في المجتمع وديننا هو دين سلام وتسامح ومحبه "خذ العفو وأمر بالعفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين".
وكما يلبس المسلم الجديد يوم العيد، أولى به أن يجدد نفسه من الداخل ويملأها بالتسامح والمحبة لإخوانه المسلمين، وكما يطيب نفسه بالعطر في العيد فأولى به أن يطيب خاطره تجاه أخوانه المسلمين.. فإذا حصل هذا فإننا حتماً سنبني مجتمعاً إسلامياً قوياً وتماسكاً وتألفاً يشد بعضه بعضاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهذا هو المجتمع الإسلامي الذي ننشده.
منصور بلعيدي
سّر السعادة!! 2102