أعلم أنه قد يتبادر إلى الذهن علامات استفهام كثيرة بمجرد قراءة عنوان المقال، الأمر الذي من شأنه أن يثير اهتمام الرأي العام ويجذب الانتباه، وإن رأى فيه البعض نوعاً من الظرافة رغم أهميته البالغة وهو الهدف الذي أنشده لطرح قضية في غاية الأهمية، لا تأبه لها الجهات المعنية وهي قضية المعبر الذي مضى على إغلاقه أكثر من ثلاثة أشهر.. وأتساءل ويتساءل الكثيرون من حولي عن موعد افتتاحه.
وبالمناسبة فقد فاتني أن أوضح للقارئ الكريم أن المعبر الذي أقصده ليس المعبر الحدودي العربي المتعارف عليه إقليمياً ودولياً وإنما أقصد المعبر الحدودي اليمني وتحديداً الأبيني-العدني، إنه طريق العلم الوحيد الذي واكبنا به التطور واختصرنا به المسافات وربطنا به المحافظات وأعدنا تأهيله مرات برصف وكبس ولكن من دون أن تتوقف فيه الحياة، هذا الطريق الذي نتحدث عنه قد تسببت المواجهات المسلحة في إغلاقه لتضاعف جرعة جديدة أشد وأقصى من سابقاتها.
وهذا هو واقع الحال الذي نعيشه ونعانيه ونتجرع علقمه، ذلك أن طريق العلم المؤدي من وإلى أبين أغلق دون مراعاة للآثار المترتبة على إغلاقه من مخاطر تهدد حياة من هم بحاجة لإسعافات عاجلة.. أكانوا من الجرحى أو من ذوي الأمراض المزمنة أو من قد يصابون بحالات تسمم مفاجئة أو انتشارات لأوبئة قاتلة، وما قد تؤدي إليه من نقص أو اختناقات في بعض المواد الغذائية، متسببة في ارتفاع الأسعار في مدن وأرياف بقية المديريات كخنفــر وغيرها والتي لم تبتلى بالمواجهات كثيراً إلا أنها لم تنجُ تماماً من المترتبات.
الجدير ذكره أنني أطلقت على طريق العلم "معبر رفح" لوجود قواسم مشتركة بين الاثنين، فإذا كان معبر رفع الحدودي بين دولتين، فمعبر رفح اليمني بين محافظتين، وإن كان المعبر بمثابة شريان الحياة بالنسبة لأبناء غزة، فطريق العلم بمثابة شريان الحياة بالنسبة لأبين خاصة، وبقية المحافظات الجنوبية بصورة عامة.
وإن كان إغلاق الأول قد تسبب في كوارث بشرية ومعاناة إنسانية، فهي بالتأكيد نفس النتائج المترتبة على إغلاق الثاني.
ومن المؤسف حقاً أن نعود نحن للخلف خطوات عندما يتقدم الآخرون خطوة، فهم يتجهون للبناء والتعمير ونحن نتجه للهدم والتدمير.. وهم حين يتجهون لاستكشاف الفضاء نتجه نحن أبناء أبين لاستكشاف الصحراء "طريق الحرور" وشتان بين الاستكشافان، فالأول باتجاه المريخ بينما الثاني في مهب الريح.
وحين تتجه المركبات الفضائية للفضاء، تتجه مركباتنا الأرضية "سيارات ودراجات" نحو صحراء "الحرور"، لتراهم في زحل، وترانا نغوص في الرمل.
ولك أن تتخيــل رحلة طويلة، شاقة، متعبة، لما يقارب مسافة "200" كم، بدلاً من 50 كم تفصلنا عن عدن، كلها سهولة ويسر، أما والحال قد تبدل، فخذ لك ست أو سبع ساعات ذهاباً ومثلها إياباً.. وإياك أن تعترض أو تتذمر إن عرض لك عارض، فقط ابتسم يا عزيزي، فأنت في اليمـــن.
عفاف سالم
معبر رفح.. متى سيفتتح؟! 1544