عادت حليمة:

يقال إن عجلة الزمن لا تعود للوراء ولكن أحياناً صدقوني هنا في وطننا تعود للوراء وللوراء كثيرًا، فمثلاً تجد فكراً يرقى إلى السحاب ثم ينزل إلى الحضيض، تتخلص من بعض منغصات الفكر أو حتى ما تقرأه وتطالعه، فتعود الكرّة، وكل يعمل على هواه وعلى شاكلته، ننسى أصحاب الفضل بعد الله سبحانه وتعالى ونستعين بنكران الجميل في أقرب الأحبة، نحاول أن نثبت أننا طموحون وأحلامنا وغاياتنا لم تتجاوز حدود ما سبقونا فيه من فشلوا من قبل، ومع هذا لا تحلو تجربة الفشل إلا في وطننا وفي عقولنا، وبدون ترميز أو إساءة ظن، ليكون كلامي موجهاً لمن في رأسه بطحة ولازم يتحسسها ويقول جنت على نفسها براقش، ولكن هل سننتهي هنا من حيث بدأنا من قبل وهل تتحول المضامين وتتغير الرؤى والموازين الراهنة وعلى طريقة التفاوض وحوار النظام السابق مع نفسه، لأن الثورة قائمة وستطيح بكل من يحمل في قلبه ذرة من شك.

شيء من الجميل :

جميل أن نخلّد في ذاكرتنا وفي عقول الجيل الجديد بطولات من استحقوها وسجلوها في سطور الزمن وأغفلها البعض لأن فيها الحقيقة وكما تعلمون أن الحقيقة يخافها الكثير ويتجنبون الحديث عنها ولا يتطرقون إلى شيء من ملحقات هذه الحقيقة بما في ذلك الصراحة والصدق والواقع والوقائع، وجميل أن نحتفي بذكرى هؤلاء، وأن نحفظ لهم المعروف، ولكن أن نظل نغني ليل نهار على أطلال الماضي، فلا نحن سنواكب الحاضر ولا سنتخلص من مخاوفنا كي نغامر في رحال الأمل بانتظار الغد المشرق، وأعلم جيداً أن كلامي هذا وإن قرأه بعض الشنبات، أصحاب المعالي والعقارات والسيارات والمحلات وحتى حملة الشهادات، فإنه سيقول أنا عارف إنك تشتي تكلمنا عن الرسول، وحقيقة لم يكن هذا في بالي بقدر ما كنت أقول إن الحديث عن الماضي يحتاج إلى الكثير من العمل في الحاضر، فمصر لم يتكلم شعبها عن الزعيم الراحل فلان وفلان إلا بعد أن استطاعوا زرع الشجاعة في القلوب وخرجوا وقاموا بتغيير نظام الحكم الجاثم على صدور الشعب منذ عقود، والآن يحق لهم الحديث عن فلان وفلان من رموز الزمن الماضي الجميل ولن يكون أجمل من الحاضر لأن الحاضر هي حياتنا وواقعنا ومستقبل أجيال ستأتي من بعدنا ولا ندري هل ستذكرنا بالخير أم بدون ذلك؟، لذلك لم يسأل أحدنا نفسه، هل سيأتي يوم من الأيام ويذكرني أبنائي أو أحفادي وماذا سيقولون في ظل عهد جديد طغى على عنوانه ثورات الربيع العربي؟، وماذا سيقول لأسلافه إن تحدث يوما من الأيام عن ثورات هذا الربيع الفتِيِّ ؟؟ فقط مجرد تساؤل وأتمنى أن لا ينفخ كل من في ساحة من الساحات صدره وكأنه عنتر ابن شداد ويقول سأقول إنني جلست في الخيمة أجاهد تسعة أشهر نصف، ما شاء الله، وهذا ليس للسخرية بقدر ما هو للمصارحة وللحقيقة المفقودة والتي نخافها كلنا جميعاً كلنا سواء في وقت واحد من مواجهتها، والعفو إن تضايق أحدكم من حروفي هذه ولكن هل يعقل أن نعيش في زمن شكراً يا فلان ونحن في أمس الحاجة إلى أن نعمل من أجل أن نحقق كل مارسمه هؤلاء الأبطال التاريخيون الأشاوس الأحرار أم أن الحكاية فيها شيء من الحناك الوطني المعروف للجميع؟؟!!

مات ستيف جونز:

شخص يحمل في يده جهاز "آي باد" من أحدث أجهزة التقنية الحديثة في الاتصال وكالكمبيوتر الشخصي، وطبعاً كل الناس يعرفوه إلا الشعب اليمني باستثناء قلة ولا أقول أنا منهم فإنا لم أعرفه إلا من خلال البحث في شوارع قوقل وحارات الشبكة العنكبوتية، وتقول له ستيف جونز مات، فقال وأنا مالي وإلا يعني شفته من بقيّة الأسرة، لالا يا أخي هذا صاحب شركة آبل ماكنتوش اللي صنعت الجهاز اللي في أيدك واللي سعره قد يصل أحياناً إلى ألفين دولار، قال اها متى مات ؟؟ وكأنه في هذا الوقت فقط أصبح من بقيّة الأسرة، ولم يبق سوى عمل عزاء لجهازه وعبر الوسائط المتعددة يستقبل التعازي الحارة من الأهل والأحباب والأصدقاء، وبعد موت ستيف جونز تحدث عنه بنفس اليوم الذي استطاع السرطان أن يعجّل بقضاء الله فيه هذا الآدمي، طلع علينا السيّد أوباما وتحدث عنه، عجيب ولكنه ليس بمستغرب ولحّد يقول لي عشان معه زلط، وماعيجيش أكثر سلطة من أوباما وهو يفعل ما يشتي حتى لو يعيّن "علي بلالة" الله يرحمه لو قد مات- وزيرا للشباب والرياضة - لأنني آخر مرة لقيته قبل خمس سنين في ملعب المريسي وهم يقولون له وحدة وحدة فيطلع إلى مشارف المدرجات وكأنه يريد أن يرمي بنفسه وذلك حباً وعشقاً في النادي الأهلي الصنعاني، وما بين جونز وكثير من الشباب الطموح كثير من التشابه ولكن الأول استطاع أن يجني ثروة وصلت إلى مليارات الدولارات في كل عام بل وأحيانا كانت في كل شهر، والثاني من الشباب الطموح كل ما وصل إليه لا يعد كونه بعض متطلبات الحياة الضرورية وباقي الزواجة والبركة في الوالد ومعاونة الأهل ومساعدة الجيران والأصحاب.

كان وكان:

من أكثر الأحاديث التي تثير في نفسي اشمئزاز الواقع المعاش، أنك من المستحيل أن تتحدث مع شخص ولا يتطرق إلى كلمة كان وكان، وتخيلوا هذا لم يغيّر شيئاً ولن يغيّر شيئاً ـ وبما أن الواقع الذي تعيشه أنه بائس فاعلم أن الماضي لم يكن أكثر خيراً وسعادة وهناء، وإنما هو نتاج عن كل ما سبق في الأيام الخوالي، وعليه فإن كان وكان ستصبح هي السبب المباشر في هذا اليأس الذي نعيشه، وحين تضع ياعزيزي المُفَسْبِك صورة الشهيد الزبيري لا يعني أنك صاحب أو قريب أبي الأحرار ولو من باب الصورة، ولا يعني أيضاً حين تضع صورة فيدل كاسترو أو "هوجو شافيز" أو حتى "جيفارا" أنك ثائر، لذا هل تحتاجون إلى توضيح ما أعنيه أكثر؟؟ وأنا أحاول كثيراً أن أفتح قلبي لكل الأحبة الذي يراسلونني واستقبل أحياناً الكثير من المدح وأحياناً أخرى الكثير مما دون ذلك والبركة في الهوتميل والبريد الالكتروني والتكنولوجيا الحديثة وما نعيشه في واقع يجعلنا كأننا بالفعل بشر ونحن للأسف بعيدون كل البعد عن حقوقنا التي كفلها الله لنا وسلبها منا بعض من تولوا الحكم على عباد الله في أرضه.

مرسى القلم:

نظرة تفاؤل يشوبها الكثير من الخوف والحذر، ليس من المستقبل، وإنما من ابتسامة صديق لم يكن يوماً من الأيام صديقاً، فقط لأنه ابتسم فهو صديق.

a.mo.h@hotmail.com