لم يذكر لنا التاريخ أي موقف إيجابي للنظام العربي الرسمي يرفع من شأنه ويجعله حريصاً على حياة الشعوب ومصالحها العامة.. فالمبادرات العربية لا تفضي إلى حل أي مشكلة تزعم معالجتها بل تصبح سبباً كافياً لإطالة عمر الأزمات وتمكين الجلاد من الاستمرار في حصد ضحاياه لا أكثر.
وهكذا هو العقل العربي الرسمي ينتج كلاماً كثيراً ولا ينتج أفعالاً لأنهم لا يجتمعون على قضية ما إلا ويختلون على حلها وإن كان بين أيديهم الحل.
ويقال إن جمال عبدالناصر مات بالسكتة القلبية بسبب فشل الزعامات العربية في إدانة مجزرة أيلول الأسود رغم فداحة المصاب وهو مصيبة الفلسطينيين الذين هربوا من رمضاء العدو الصهيون إلى نار إخوانهم العرب "كالمستجير من الرمضاء بالنار".
وإذا ما استقرأنا تاريخ تأسيس هذه الجامعة فلا نجد لها أي موقف يستحق الإشادة، اللهم إلا الموقف "اليتيم" لعمرو موسى وليس للجامعة في قضية ليبيا.. وأنهم يرون المجازر البشعة في سوريا واليمن ولا تحرك لديهم النخوة والنجدة العربية اللتان كان العرب يتمتعون بهما في جاهليتهم مثل "حلف الفضول" الذي وضعوه لنصرة المظلوم حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لو دعيت لمثله في الجاهلية لأجبت".
إن المبادرات العربية مبادرات بائسة وخادمة للاستبداد والظلم تطيل عمر الأنظمة الفاسدة الجاثمة على صدور أبناء الأمة، ومتى كان الحكام العرب يصنعون حلولاً؟ فما عرفتهم شعوبهم إلا أدوات للظلم والاستبداد وللمطامع الغربية في ثروات الشعوب.. فالمبادرة الخليجية جاءت في لحظة حاسمة كان فيها علي عبدالله صالح يتهيأ للرحيل، فكانت المبادرة الخليجية طوق نجاة له فاستعاد بها توازنه وعاد لقمع أبناء شعبه قتلاً وتدميراً، مستخدماً آلة الحرب التي دفع ثمنها من مقدرات الوطن وأهله، ومازال.
واليوم جاءت المبادرة العربية الثانية من أجل سوريا ورغم أن الزعماء العرب تجرأوا بوضع كلمة "فوراً" في المبادرة إلا أن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً لأنها طبق الأصل للمبادرة الخليجية عن اليمن، ومازال بشار القاتل مستمراً في حصد أرواح أبناء شعبه السوري بلا رحمة حتى بعد صدور المبادرة إياهاه.
ومن السخرية المضحكة أن النظام السوري قبل بالمبادرة دون تحفظ وقدم على شرفها قرابين كثيرة من أبناء الشعب السوري غير عابئ بمبادرة العرب ولا كلمة "فوراً" لأنه يعرف سلفاً أنهم أعجز من أن يفعلوا شيئاً ضده.
وتحقق في هذه الجامعة قول الشاعر العربي جرير:
"زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً فانعم بطول سلامة يا مربع".
