أمام مرأى ومسمع العالم أجمع يظل أبناء زنجبار والضواحي يتجرعون مرارات النزوح وعذابات التشرد والصوملة يتناثرون في المحافظات والمديريات يبحثون عن الأمان الضائع الذي لم يجدوا له أثراً، فالقلوب والعقول يمزقها الشوق والحنين للعودة التي باتت مستحيلة أو شبه مستحيلة بالنظر إلى الواقع الذي يجسد كل ذلك حقيقة، فصرخات الاستغاثة والمناشدات التي أطلقها النازحون وبالأخص المتضررون لم تجد من الأطراف المتقاتلة تعاطفاً ولا من المنظمات الإنسانية والحقوقية تفاعلاً.
واليوم مضى على المعاناة ستة أشهر ولاأمل في الأفق يلوح، فالأمور عالقة والمديريات وضواحيها قد صارت خاوية على عروشها، خالية من جميع مظاهر الحياة، تسكنها الأشباح وهذه حقائق وليست مبالغات وأنا على يقين أن كل أو أغلب المنازل في تلك الأحياء قد سكنت بالجان وهو أمر طبيعي إذ لا تكبير ولا ذكر ولا أذان ولا صلوات إنها بالتأكيد عقوبات قاسية جداً يتجرعها المواطنون وهم يهيمون على وجوههم محرومين من العودة إلى منازلهم التي يجهلون مصيرها إن كانت قد دكت وغدت أكواماً أو تحت من ا لدمار فاستباحها اللصوص ونهبوا ما بها وفي كل الأحوال يظل المواطن المغلوب على أمره ضحية بكل ما تعنيه الكلمة لشياطين الإنس والجان على حد سواء ما بين ناهب وساكن ومدمر في ظل صمت مطبق وتجاهل واضح بين يثير فينا استفسارات وعلامات استفهام كثيرة.
تُرى ألا تستحق هذه المديرية المنكوبة بعض الاهتمام، أم أنها غدت فعلاً في غياهب النسيان وأهلها ألا يستحقون الوقوف معهم، أليس من حقهم العودة إلى مساكنهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بوقفة جادة تستشعر حجم المأساة وبالتالي العمل بالأسباب التي تؤدي للخروج من هذه المحنة وبأقل الخسائر الممكنة أكانت مادية أو بشرية.
بقي أن نقول للأستاذ الكحلاني الذي أفتتح بالأمس معرضاً خاصاً بمعاناة أهالي الأحياء المجاورة لمواقع الاعتصمامات فحسب إننا قد هرمنا نعم هرمنا ونحن ننتظر جهودكم لفتح طريق العلم الذي أسميناه في مقال سابق بمعبر رفح تيمناً وإن كان هذا المعبر أوفر حظاً فقد حظي باهتمام وأفتتح، أما معبرنا فما زال مغلقاً على حاله يقتل فينا كل أمل بانفراج قريب وعودة حميدة ومازلنا في انتظار وجودكم لافتتاح معرض صور مماثل يوضح فيه حجم والأضرار التي لحقت بنا.
عفاف سالم
زنجبار في غياهب النسيان 1862