إن مما زادني حزناً وألماً الحلقة التي بثتها قناة الجزيرة مباشرة من ساحة التغيير في العاصمة صنعا مساء الثلاثاء 29 نوفمبر وحديث العديد من شباب الثورة عن الوضع المأساوي، الحصار الظالم وعمليات القتل التي يتعرض لها حالياً طلاب الحديث في معهد دماج بمحافظة صعدة في حالة إنسانية ظالمة يقوم بها الحوثيون الأكثر قوة وعدة وعتاد لفئة قليلة ولطلاب أتوا من أقطار شتى من العالم يطلبون العلم الديني، كان الشباب الثلاثة وهم قائد السعيدي المشرف على الفريق الإعلامي الزائر إلى صعدة وسليم علاو ناشط حقوقي وقائد حراسي من أبناء صعدة ثالثة من خيرة شباب الثورة كانوا يشرحون كل الملابسات وأعمال القتل البشعة التي يقوم بها الحوثيون في دماج ـ المنطقة المحاصرة ما يزيد عن الشهرـ قائد السعيدي وسليم علاء وجها نداءً عاجلاً لجميع المنظمات الإنسانية ولجميع أبناء الشعب اليمني لفك هذا الحصار واستعرض وبالأرقام والصور والموثقة لتلك الأعمال العدوانية البشعة أو المهينة التي يتعرض لها المواطنون في دماج ذاكرين عدد القتلى بالأرقام بما فيهم جنسيات القتلى من العرب والأجانب وحتى الشيوخ وحالات الإجهاض للنساء ـ بل ودفن بعض الموتى في المنازل ونزيف الجرحى لأن الحوثيين محاصرون المنطقة ويقومون بعمليات القنص دون رحمة للأطفال والنساء وهذا الكلام يقوله شباب في منتهى الوعي والإحساس الإنساني لأنهم شاهدوا كل تلك المآسي وكان حديثهم أمام الحوثي خالد المداني المشرف على مخيم الصمود في ساحة التغيير والذي كان مصراً بأنه لا يوجد حصار وهنا أتوقف قليلاً متسائلاًً: يا أخي العالم كله يتحدث عن حصار ظالم وغير إنساني ولفترة تزيد عن الأربعين يوماً وأمامك ثلاثة من الشباب يذكرون لك الحقائق والمعلومات ومصراً على رأيك وتطالب بنزول أعضاء المجلس الوطني إلى صعدة.
لقد هزتني تلك الاستغاثة التي وجهها الشباب الثلاثة ولنجدة هؤلاء المحاصرين الذين منعت عنهم كل أسباب الحياة من غذاء ودواء، لقد عشنا المأساة نحن أبناء أبين وتحديداً أبناء العاصمة زنجبار.
وشردنا من منازلنا وحوصرنا عشرات الساعات ورأينا الجثث ملقاه على الطرقات ومناظر الدماء الرهيبة التي أخافت الأطفال وزرعت في عقولهم قبل قلبوهم مشاعر الخوف والهلع واليوم اكتملت ستة أشهر كاملة وزنجبار مرمية بين أنياب قتلة لا يرحون، يزعمون أنهم ينصرون الإسلام ويطبقون الشرعية ولم يسألوا أنفسهم أنهم تسببوا في تشريد آلاف المواطنين الأبرياء ودمرت منازلهم من قبلهم ومن قبل وحدات الجيش نعم وحدات الجيش التي ترد على أي طلقة من المسلحين بقصف صاروخي وكاتيوشا ومدفعية.
وتمر ستة أشهر ولم تستطع تحرير هذه المدينة الصغيرة المحاصرة من الجيش والمسلحين الأنصار والمهاجرين، هذه مأساة وتلك مأساة أخرى والكل يستخدم الدين لتنفيذ خططه وبرامجه والشعب اليمني الصبور يدفع الثمن ولعل من حسن حظ آل دماج أنها حظيت باهتمام إعلامي لا بأس به، لكن زنجبار عكس ذلك تماماً مع علمي أن الكثير من القنوات والصحف استطاعت الوصول إلى دهاليز أفغانستان والعراق وادغال إفريقيا والكثير من مناطق الحروب، لكننا لم نر صوراً تلفزيونية واضحة المعالم للخراب والدمار والقتل الشنيع ولا حتى للحيوانات التي تتجول في أزقة وحارات زنجبار التي دمرت فيها كل مظاهر الحياة الإنسانية وهجرها أهلها بقوة السلاح لتعيش فيها الضباع والقرود في مؤامرة وسخة وقذرة على عاصمة المحافظة.
المؤامرة كان مخطط لها بحنكة في غاية الدهاء والخبث والمكر والخداع، لقد تعب الشعب اليمني أكثر شعوب العالم صبراً وتواضعاً من مظاهر سفك الدماء والحروب وعوامل تدمير الحياة وباسم الدين الإسلامي الحنيف دين المحبة والرحمة والسلام والعدل وليس دين التعصب الأعمى واحتكار الرأي وتعسف الحقيقة في ظل عالم يتطور ويبتكر في كل ساعة وفي كل يوم أحدث التقنيات وما يقدمه من علوم إنسانية مميزة تتجاذب وتتنافس لتؤكد لنا معرفة الحقيقة، بينما نسعى للأسف لتدمير كل ما هو جميل وطيب في هذه البلاد من أجل سلطة مصيرها الزوال ولا يبقى إلا وجه ربك تبارك وتعالى..