;
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

الولايات المتحدة.. هاجس اليوان الصيني 2194

2011-12-17 03:41:52


منتصف شهر أكتوبر 2011م صادق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون يهدف إلى فرض قيود على الصين المهتمة بالتلاعب بعملتها بهدف زيادة صادراتها.. المشروع يسمح لحكومة الولايات المتحدة فرض تعريفات جمركية تعويضية على منتجات الدول التي تعتبرها واشنطن أنها تدعم صادراتها عن طريق قيم عملاتها.
أقر مجلس الشيوخ حيث أغلبية النواب من الديمقراطيين القانون بـ63 صوتاً مقابل 33، لكن مجلس النواب لم يقرر النظر في مشروع القانون، لأن قادة الأغلبية الجمهوريين يخشون إندلاع حرب تجارية مع بكين ويقال أن إدارة أوباما لا تدعم مشروع القانون في صيغته الحالية التي تناقض العديد من بنودها التزامات الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية..
ومع إقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2012 يرى مؤيدون للقانون أن الاقتصاد الأميركي الذي يبلغ فيه نسبة البطالة 10 % يعاني تدني سعر اليوان وأن أعضاء مجلس الشيوخ يحاولون عبر هذا القانون دفع الخزينة إلى اتهام بكين صراحة بالتلاعب بعملتها ملوحين بعقوبات محتملة.
وتنص قواعد منظمة التجارة العالمية على أن بإمكان الدول الأعضاء في المنظمة معاقبة أحد الشركاء التجاريين الذي يدعم صادراته، لكن تلك القواعد لا تنص صراحة على خفض العملة.. الكثير من الأميركيين لا ينقضون الاتهامهات الموجهة إلى اليوان وتدني قيمته في وجه الدولار، مما يعطي تفوقاً للبضائع الصينية قد يبلغ 30 % على حساب المنتجات الأميركية المشابهة.. مؤيدو المشروع يقولون أنه حان الوقت للوم بكين وإن أرتفاع سعر اليوان قد يساهم في ارتفاع القدرة الشرائية في الصين وبالتالي زيادة في الصادرات الأميركية والإجماع الأميركي يتهم الصين أنها تتعمد الابقاء على قيمة اليوان منخفضة لإعطاء صادراتها ميزة غير عادلة في الأسواق العالمية، لكن قبل أن يضطر أوباما لتقرير: هل يوقع المشروع ليصبح قانوناً فإنه يتعين أولاً أن يحصل على موافقة مجلس النواب، حيث أشار زعماء جمهوريون إلى عدم رضاهم عما يتضمنه من تهديد بفرض تعريفات جمركية.
لقد وصلت جهود الصين المبذولة لجعل اليوان عملة احتياط عالمية إلى طريق مسدود، حيث لم يستفد سوى عدد قليل من المؤسسات الأميركية من هذه الميزة.
وقامت الصين وفي سبيل نشر استخدام اليوان على أوسع نطاق ممكن بتسهيل عمليات شراء الشركات الأجنبية من الموردين المحليين والسداد مقابل ذلك بالعملة الصينية، وحررت الصين العملة من القيود المفروضة عليها وشجعت سوقها الخارجية في هونج كونج وخلقت منفذاً لتتجاوز من خلاله الحدود الصينية، لكن وبينما انهالت الشركات الأميركية على السوق الصينية للاستفادة من قلة تكلفة العمالة ومن السوق الاستهلاكية المتنامية، لم تكن الاستفادة بالحجم المطلوب فيما يتعلق بالعملة المحلية.
لكن لا يزال الدفع بالدولار أكثر سهولة نسبياً، لأن معظم العمليات التجارية العالمية مع الصين يتم عقدها بالعملة الأميركية، كما أن سهولة الدفع بالدولار، تفوق التكلفة التي يمكن أن تنج عن سعر صرف اليوان مقابل الدولار.. وفي حال تحرير الصين لسياسات سعر صرف العملة الأجنبية وأسعار الفائدة، يمكن للأسواق وضع الأسعار التي يقوم بدفعها المقترضون، الأمر الذي يساعد على الحد من فقاعات أسعار الأصول، مثل الارتفاع الكبير في أسعار القطاع العقاري الذي تعاني منه الصين في الوقت الحالي.
لقد أخذت الصين في تشجيع المزيد من الأعمال الأجنبية لاستخدام اليوان، الشيء الذي لم يحقق النتائج المرجوة، حيث بلغ إجمالي الصفقات التجارية المنجزة باليوان في النصف الأول من عام 2011م نحو "151" مليار دولار وتجاوز ذلك ما تم في العام السابق بنحو 15 ضعفاً.
لا تزال تكلفة ممارسة العمل التجاري باليوان تمثل عاملاً مهماً بالنسبة للشركات التجارية الصغيرة، وللدفع باليوان في الصين يترتب على الشركات الأجنبية العاملة هناك إقناع الموردين الصينيين أولاً بالقيام بإجراءات التسجيل حتى تصبح هيئات محلية معترف بها يسمح لها بتلقي أموال من الخارج في الصفقات التجارية.
 الخلاف بين بكين وواشطن مرده إلى الميزان التجاري بين البلدين الذي يميل لصالح الصين، فالصين من جانبها ترى أن حالة الاقتصاد العالمي مازالت تبدو قائمة وأن التعافي غير المتوازن ربما يكون الخيار الأفضل، وأن حدوث ركود عالمي طويل الأمد أمر مؤكد وأن على الصين أن تركز على مشاكلها الداخلية.. الأميركيين من جانبهم يقولون إن النمو القوي للاقتصاد الصيني سبب عجزاً هائلاً في التجارة مع الولايات المتحدة وسيكون أفضل للاقتصاد العالمي من التباطؤ في الصين ذاتها، والأميركيون لا يسعهم تجاهل تنامي صبرهم إزاء السياسة التجارية الصينية والقيود على الاستثمار.. ومحور الخلاف بين البلدين هو العجز الهائل في تجارة الصين مع الولايات المتحدة الذي نما إلى مستوى قياسي عند "73.1" مليار دولار في عام 2010م من "226.9" مليار خلال 2009م رغم تعهدات من الحكومتين بالعمل على تصحيح الخلل في الموازين العالمية.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 13/10/2011م
2. الاتحاد الاقتصادي 7/11/2011م
3. الاتحاد الاقتصادي 22/11/2011م

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

ياسمين الربيع

2024-12-25 22:01:31

رهانُ الحزم..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد