المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط الذين تضرروا من الاضطراب السياسي ثم أزمة الديون الأوروبية سوف يظلون في حالة قلق خلال الفترة القادمة مع بحثهم عن فرص نادرة تحيط بها مخاطر عديدة، فمنذ أن بدأت انتفاضات الربيع العربي تجتاح المنطقة بدأ المستثمرون في النزوح وحدث استقرار بعد موجة بيع كبيرة للأسهم، حين أدرك المستثمرون أن السعودية اللاعب الاقليمي الكبير زادت إنفاقها.. لكن أزمة الديون السيادية في أوروبا التي سيطول أمدها، وتدهور التوقعات الاقتصادية العالمية حل محل الانتفاضة المسلحة كأكبر المخاوف في أذهان المستثمرين ولو كانت المنطقة في معزل لكان المستثمرون الآن منتثرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. ودول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدولار لكن الأسواق العالمية تتجاهل ذلك والناس ينظرون إلى العدوى المالية في أوروبا ولن يأخذوا ذلك القرار والدليل على أن المستثمرين أصبحوا ينظرون إلى ما بعد الربيع العربي هو الارتباط بالأسهم العالمية.
الناس يفهمون أن الربيع العربي سوف يبقى لفترة بينما أزمة منطقة اليورو لا تزال تترسخ من مرحلة إلى أخرى والمناخ غير موات للمخاطرة، فهناك تطلعات لتخصيص أصول للنقد وللدخل الثابت بدلاً من زيادة الوزن النسبي للأسهم، وتراجعت معظم أسواق الأسهم في المنطقة بين ثمانية و20% بمؤازرة الأسهم الأوروبية التي تراجعت 14% ومؤشر الأسواق الناشئة الجديدة الذي هبط 20% ويساور المستثمرين القلق بشأن تعرض المؤسسات المالية الخليجية لديون أوروبا وبشأن أي صعوبة في توفير السيولة وكانت مصر صاحبة الأداء الأسوأ، إذ تراجعت الأسهم 40% بعد أن ظلت الأسواق مغلقة لمدة شهرين، بسبب ثورة الشعب التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.
وكانت قطر هي الأفضل أداء في المنطقة، إذ تراجعت الأسهم3% فقط في ظل هيمنة عوامل الاقتصاد الكلي يحدث تحول في الطريقة التي ينظر بها أصحاب المحافظ إلى المنطقة وخلافاً لما كان في الماضي حين اعتاد المرء النظر إلى القطاعات.. ينظر الآن إلى العوامل الجغرافية في الأجل القصير بسبب العوامل العالمية والتغيير السياسي الاقليمي، يحتاج المرء للتفكير في أي البلدان أكثر استقراراً، والسوقان الرئيسيان في المنطقة مصر والسعودية مهمان في هذا الصدد، وأي إشارة إلى النخبة القديمة التي ساءت سمعتها والتي اغتنت خلال حكم مبارك الذي استمر ثلاثة عقود قد تعود مرة أخرى والتوقعات كثيرة وتؤثر سلبياً بفعل الأخبار الغير سارة، لكن لا يمكن العدول عن الإصلاحات الاقتصادية وتتعطش مصر لعدة المستثمرين الأجانب، لأن الحكومة تدفع فائدة مرتفعة جداً للاقتراض من البنوك المحلية لتمويل الميزانية التي تضخمت كثيراً والدول الأشد تضرراً بالربيع العربي تكلفت ما قيمته "56" مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي والماليات العامة وسندات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سواءً من الجهات السيادية أو الشركات تعتبر أكثر جاذبية بكثير من الأسهم.. إصدارات قطر وأبوظبي تلقى اكتتاباً جيداً والأسهم رخيصة في الوقت الراهن.. لذلك فإن أي تحسن في وضع الاقتصاد الكلي قد يتيح فرصاً وخلافات لمناطق أخرى من العالم، لا يجري خفض قيمة الأصول لكن يتم التخلص من كل شيء بجيده ورديئه.
هامش:
1- الاتحاد الاقتصادي 19/6/2011
2- الاتحاد الاقتصادي 26/6/2011
3- الاتحاد الاقتصادي 25/10/2011
د.علي الفقيه
ربيع عربي وشتاء اقتصادي أثار القلق 1985