يعرف الفساد بأنه انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة، الفساد يكشف عن وجهه من خلال أشكال عديدة لعل من أخطرها إساءة استخدام السلطة العامة الحكومة وأجهزتها من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة كالرشوة والابتزاز والمحسوبية والاختلاس، وهو ما يسمى بالفساد السياسي.. يلي هذا النوع من الفساد جرائم الشركات، أي الجرائم الاقتصادية في انحرافات مالية أو إدارية ترتكب عن طريق القطاع الخاص.
في الوقت الراهن تهيكل الفساد كمؤسسة ذات نفوذ في كثير من الدول، بحيث فاقت أكثر القطاعات العامة نشاطاً وتعايشت معها وغدت قوة لا يسهل إيقافها بل اتسع نفوذ مؤسسة الفساد، فشمل أغلب مجالات الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية وتعددت مسمياته الفرعية: الرشوة، العمولات، التزوير، التهريب والتهرب من دفع الضرائب، الغش، النصب، الاحتيال واستيراد الممنوعات أول السطر لقد كشف في مصر وتونس عن رجال أعمال فاسدين نهبوا مليارات وأهدروها وهي أموال تعود للشعوب على أيدي رجال أعمال ارتبطوا بعلاقات مشبوهة مع الأنظمة، هناك قطاع خاص فاسد، هناك بالمقابل قطاع خاص وطني يضع الوطن في المقدمة من نشاطه.. الفساد يدخل القطاع العام في علاقة جدلية مع فساد القطاع الخاص، فالأول يتضامن في أغلب حالات الفساد وقضاياه مع فساد شقيق يدور في أوساط القطاع الخاص الذي يصر البعض على أنه البؤرة الأولى لإنتاج تلك الحالات، سواء في التحريض عليها أو في القوة الدافعة إلى ارتكابها، ومن ثم التغطية عليها عند اكتشاف أمرها وافتضاحها.. معلوم أن القطاع الخاص يلعب في معظم دول العالم دوراً كبيراً وهاماً سواء في التنمية الشاملة للدول أو في نطاق المسؤولية الاجتماعية بما يقدمه من تبرعات ثورية أو عينية.
والملاحظ أن خطط التنمية في البلدان العربية قلما أعطت اهتماماً لتطوير قدرات عربية في البحث والتطوير والتصميم الصناعي وعوامل استمرار هذا النقص يرجع إلى عامل ضعف المجموعات العلمية والمهنية العربية، وانصرافها عن البحث والتطوير الصناعي وانقطاع صلتها بقطاعات التصنيع والاستثمار من جهة وبقطاعات المستفيدين من جهة أخرى.. هنا تكمن العلة وضعف التأثير لدى صانعي قرارات التصنيع والتنمية.. أيضاً انصراف معظم الباحثين في الجامعات ومراكز البحث عن الأبحاث التطبيقية التي تلبي احتياجات مباشرة للمجتمعات المحلية وضعف البنى التحتية الصناعية وافتقاد التقاليد الصناعية، وعدم وضوح أهداف تنمية وتطوير قدرات صناعية متقدمة في معظم مشاريع التصنيع العربية، وضعف ثقة المجتمعات العربية بالانتاج المصنع وطنياً.. كذلك الثقة المفقودة بالخبرة العربية وقدرتها على التصميم والإبداع في الصناعة..
هامش:
1- الاتحاد العدد (13137) 24/6/2011
2- الاتحاد العدد (13181) 7/8/2011
3- الاتحاد العدد (13104) 22/5/2011
د.علي الفقيه
القطاع الخاص العربي.. قضايا الفساد والتنمية 2244