عام مر ونحن نتجرع فراقك وبعدك عنا أيتها الأرض الطيبة والطاهرة والتي طالما لعبنا وضحكنا ومشينا في كل أرجائك وحناياك, عام مر يا أبين.. يا زنجبار مسقط الرأس وملعب الطفولة والأحلام وألعاب الصباء والشباب .
عام ونحن نعد الأيام والليالي والأيام والساعات وحتى الثواني لعلنا نعود يوماً ماً ونحن نحمل لك كل الحب والأشواق ولحظات العناق المليئة بأنبل مشاعر الود، كيف لا وحبك مغروس في الأعماق..حبك يجري كدماء العروق في أوردتنا انه الحنين إلى الديار التي تركناها والقلوب تبكي عليها دماً وحسرة! إلى حديقتي، إلى مكتبتي، إلى أهلي وربعي الذين تقاسمتهم مناطق النزوح هنا وهناك يوم خرجنا مجبرين تحت قصف المدافع والصواريخ التي تدمر ولا ترحم مقرونة بتكبيرات الله أكبر وكأننا غير مسلمين، يوم أن لعلع الرصاص في كل ركن وزاوية، يوم أن هرب واختفى من يحمونك، يوم أن بكى الأطفال والنساء وجزع الشيوخ في ذلك اليوم الذي ميزه الله بأنه خلق أول عباده فيه، يوم أن يجتمع الناس فيه وتمتلئ فيه مساجد الله، يوم الجمعة 27
مايو 2012م، يوم بكيتي يا زنجبار في ذلك اليوم وخذلناك وظننا أن هناك من هو يملك كل العتاد والقوة والرجال ليدافع عنك ويحميك، لكنهم اختفوا كالجرذان وهربوا وتركوا عدتهم وعتادهم . زنجبار ياليتنا ماخرجنا ومتنا، فذلك أرحم من غربة طالت وهيانة لازمت وحزن وألم يقطع نياط القلوب من يوم بعادك، عام مر والأحزان هي الأحزان والآلام هي الآلام، تمر الأيام كالسنين الطوال ونحن ننتظر بصيص أمل يدنو أو خبراً يسر الفؤاد ويأتي الليل ويرخي سدوله حاملاً معه ذكريات المكان والزمان فلا يزيدنا إلا لوعة ممزوجة بغصة ودموع تنهمر ولا تتوقف.
رحماك يا رب نعلم انه مكتوب ولا اعتراض لكن نطالبك اللطف فيه. عام والحاقدون القتلة وتجار الموت ما انفكوا يدبرون المؤامرات لإطالة أسرك يا أبين وزنجبار، لم يكفهم القتل والدمار وتشريد عشرات الآلاف، لم يكفهم إهانة أبين التي سطرت مواقف ناصعة البياض وقدمت أبنائها قرابين للثورة والحرية والانعتاق في كل المنعطفات، لقد أرادوا محوك من الخارطة بإجرامهم وحقدهم الدفين وبشاعة أعمالهم المقززة التي يندى لها جبين البشرية.. عام والذاكرة والذكريات مازالت
تحلق في فضاء بساتين وجنان أبين، في رياضها الخضراء، في رائحة سيول بناء وحسان ومواسم الأمطار حين تنهمر حاملة معها الخير والفرحة والأمل لموسم زراعي يتغنى فيه المزارعون بأغنيات وأناشيد حرث الأرض وتلوح من هناك من البحر العربي من شقرة والشيخ/ عبدالله واحور والشيخ سالم مناجاة البحر والدحيف الشقري المميز على ضوء القمر وتأتي من أعالي الجبال في لودر ومودية والوضيع والمحفد ليالي السمر والشرح والسمرة وما تجود به قرائح
الشعراء الكبار. عام كامل مر وأبناء زنجبار وجعار والآن لودر تئن والنزوح يكبر ويزيد وسماسرة بيع الأوطان وأنا وبعدي الطوفان مازالوا ينشرون الدماء والأشلاء وتدمير الحياة الآمنة. أبين أيها الخضرة الدائمة أيها الإنسان الصابر وان مر عام فلن نحبط أبداً مادام هناك سواعد قوية ترفض الظلم وترفض المهانة مادامت النخوة فينا سيأتي يوم الرجوع إلى أحضانك فما أتى ليل إلا بعد ه نهار وظلم إلا بعده حق وسجن إلا وبعده حرية وحزن الابعده فرح ولا يأتي بعد الكمال إلا النقصان كما قال اعدل خليفة في بلاد الإسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . اللهم عليك بالظالمين
يا رب وأخرجنا من بينهم سالمين، اللهم دمر واسحق من شردنا من ديارنا، اللهم عليك بالقتلة المجرمين، اللهم ارحم عبادك الذين ظلموا وردهم رداً جميلاً اللهم اللطف في الأقدار وعافي الأصحاب والأحباب واستر عورات المشردين، اللهم أنت المطلع على القلوب يا حافظ الأسرار انزل رحمتك على جميع أهل بلاد يمن الحكمة والإيمان فإنهم صبروا وتحملوا وهم ينتظرون فرجك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
shbiby@gmail.com
فضل علي الشبيبي
ما أصعب الفراق عنك يا أبين ! 1650