الدعوات إلى إعادة إطلاق النمو في أوروبا هيمنت على ردود الفعل الأوروبية عقب إعلان فوز المرشح الاشتراكي (فرانسو هولاند) بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، حيث يبدو أن المرشح الاشتراكي نجح في تحريك السياسة في الاتحاد الأوروبي بعد أن كانت متمحورة حول التقشف.
فريق أنصار التقشف يرون أنه ليس في مقدور أوروبا تبني تدابير التقشف والنمو في وقت واحد ودول الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى التوصل إلى اتفاقية نمو وليس اتفاقية مالية، وأن الإجراء السريع فيما يتعلق بالضرائب والوظائف هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.
ويرى المدافعون عن النمو أن تقشف متزامنة تعسف متخامنة حول مختلف أنحاء أوروبا يمكن أن يفاقم من تراجع الاقتصاد ويزيد من معدل البطالة ويحد من مقدرة البلدان المثقلة بالديون على تخفيف عجوزاتها وعلى استعادة ثقة الأسواق فيها، كما أن خفض الانفاق الحكومي يقود إلى خفض وظائف القطاع العام وتقليص الطلب وإلى تراجع المستهلك والاستثمار.
أما الحلف الذي ينادي بتدابير التقشف فإنه مقتنع بضرورة خفض الإنفاق للوصول إلى استدامة الأوضاع المالية العامة وبناء جسور الثقة مع المستثمرين وتوفير البيئة الصالحة لنمو لا يعتمد أبداً على القروض والفقاعات العقارية وتضم مجموعة النمو حلفاً يتكون من اقتصاديين أوروبيين وأمريكيين، إضافة إلى رئيس فرنسا الجديد فوانسوا هولاند، تتضمن قائمة تدابير التقشف مستشارة ألمانيا ميركل والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وبينما لا يوجد خيار أمام الدول المثقلة بالديون والواقعة تحت طائلة برامج الإنقاذ مثل اليونان، والبرتغال وإسبانيا سوى الخضوع لمعايير التقشف الصارمة.. خفض الانفاق في الوقت الحالي بغرض تقليص العجز ربما يقوض الوضع المالي العام بدلاً من أن ينعشه حسب رأي بعض الاقتصاديين، بينما يرى اقتصادي آخر أنه يترتب على الدول الأوروبية خفض العجز بطريقة أكثر تدرجاً بتوزيعه على جدول طويل الأجل وليس تنفيذ ما وضعته المفوضية الأوروبية.. الألمان يرون أن دول منطقة اليورو الهامشية اقترضت أكثر من مقدرتها لتمويل الإنفاق الذي أثقل كاهل الدول والبنوك والأسر بديون طائلة والمفوضية الأوروبية التنفيذية وصندوق النقد الدولي توصيان الدول التي ترغب في خفض عجزها بتقليص الإنفاق بدلاً من رفع المعدلات الضريبية.. ويرغب الاثنان في أن تنعش ألمانيا الطلب المحلي بما تنعم به من نمو قوي وعجز قليل وذلك للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الأوروبي ككل.
المستشارة الألمانية "ميركل" تواجه تحدياً لأيدلوجيتها الخاصة بخفض العجز في مناطق أساسية للانتخابات المقبلة، حيث ينادي الناخبون فيها بأفضلية النمو على التقشف.. واعتبرت الصحف الألمانية فوز هولاند يشكل هزيمة للمستشارة الألمانية التي دعمت ساركوزي حتى النهاية..
المدافعون عن وحدة عملة اليورو منذ بداية أزمة الديون قبل أكثر من سنتين يتمسكون بسياسات التعسف بحجة رئيسية تتمثل في أنه إذا استمرت اقتصادات منطقة اليورو الضعيفة في تبني سياسات التقشف حتى في حالة انهيار النمو وزيادة معدل البطالة سوف تتم مكافأتها بإقبال المزيد من المستثمرين على شراء سنداتها..
هامش:
1- الاتحاد الاقتصادي 30/4/2012
2- الاتحاد الاقتصادي 22/4/2012
3- الاتحاد الاقتصادي 8/5/2012
د.علي الفقيه
إجراءات التقشف ودعوات إطلاق النمو وراء التغيير في فرنسا 1-2 1747