طوت الحرب الدائرة في أبين يوم الأحد الماضي27مايو عاماً كاملاً منذُ سقوط زنجبار عاصمة محافظة أبين وتهجير أبنائها إلى بقية مديريات المحافظة والى محافظات عدن ولحج وغيرها، والوضع لا يزال كما هو عليه.. بل ازداد سوءً وتردياً طال حياة المواطن واستقراره وأصبحت أبين ككل تدفع ثمن فاتورة الأزمة اليمنية والحرب الغامضة التي تدور فيها بين القوات الحكومية اليمنية وبين القاعدة (أنصار الشريعة الإسلامية) التي سبق سقوط زنجبار واندلاعها نشاط متسارع للقاعدة مطلع العام الماضي وبالذات في مارس 2011م في جعار الذي تزامن مع بدء التحرك الإقليمي لإطلاق المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية بعد مجزرة 18 مارس 2011م التي تضمنت احد بنودها إزالة التوترات الأمنية " البند الثاني " كشرط تعجيزي راهن عليه وتمسك به احد أطراف الصراع كضرورة ينبغي تنفيذه قبل الشروع بتنفيذ بقية البنود اللاحقة الاستقالة والخ...
يتضح بذلك أن الحرب الدائرة في أبين وتسليم عاصمتها لأنصار الشريعة هو فصل من فصول سيناريو معد لكيفية إجهاض أو احتواء الثورة وارتبط بأهداف أخرى تتعلق بعرقلة أي مساعي أو نشاط للحراك الجنوبي والقضية الجنوبية إلى جانب سعي إطراف إقليمية ودولية بتحويل أبين إلى حظيرة لاستقطاب الإرهاب العالمي والإقليمي كمنطقه بديله لأفغانستان بعد مقتل بن لادن وجعل أبين والحرب فيها حقل تجارب للأسلحة والتقنيات الحديثة
فالأهداف كثيرة اقتصادية وسياسية وأمنية لكافة الأطراف الدولية والإقليمية وطرفي الصراع في صنعاء والقاعدة الرئيسية..أي أن الإرهاب غدا اليوم أداة من أدوات حسم الصراعات أو لتفجرها أو تصفية الحسابات.. أو تنفيذ سياسات خاصة بالدول الأقوى تكون ضحيتها شعوب الدول الأضعف سياسياً واقتصادياً وهذا بالطبع يُبين لنا عند النظر لكيفية ارتباط تلك الأهداف بالعامل الزمني وتغيرها مع تغير المصالح.. حيث يتم إعادة إنتاجها لتكشف عن إفراز أهداف جديدة في ظل التطورات السياسية والإعلامية والميدانية في الساحة اليمنية والإقليمية والدولية.. فالكل له حساباته ومصالحه التي يسعى لتحقيقها وأبين تدفع فاتورة تلك الحرب والحسابات والأهداف وتأخذ نصيبها بالقتل والتشرد وتدمير بنيتها التحتية وكافة البنى الاقتصادية..
أبين دمرت وأبناؤها شردوا واقتصادها ومواردها وثرواتها دمرت.. أحرقت المزارع ونهبت وسائل العمل الزراعي والتجاري والسمكي وحولت أبين إلى ساحة لحروب تغذيها أطراف داخلية وخارجية لأهداف خاصة بها وتمد من استمرارها أطالتها وأطالما، ارتبط الحسم بالحصول على مصالح لا تزال بعضها غير واضحة وأخرى مرتبط بتسويق سياساتها ونجاحها وأجرى التجارب للصناعات الحديثة في التسليح والتقنيات المتطورة في مجال التتبع والرصد وملاحقة الأهداف الإرهابية المتحركة..
اليوم نسمع الحديث من هنا وهناك أن متطلبات المرحلة القادمة تستدعي وجود جيش نوعي محترف وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا بتقليص الجيش الحالي وقد لا نستبعد للوصول إلى ذلك باستمرار الحرب وتأخر الحسم في ظل المرحلة الانتقالية وما تستدعيه من أوراق وأدوات ضغط على كافة الإطراف.. لا تتوقف عند التلميح بتجميد الأرصدة لبعض اللاعبين من إطراف الأزمة بل ستتعدى محاربة الإرهاب أو العلاقة به ومحاولة وإعادة إنتاج القوى السياسية وغربلتها لتكون معتدلة ومواكبة للمتطلبات السياسية للمجتمع الدولي لبناء الدولة إلى جانب تطويع القادة الجدد وجعلها في وضع الارتهان السياسي للغير إقليمياً ودولياً..
كافة المؤشرات الميدانية التي نلمسها في أبين خلال العام لا تبعث بصيص الأمل القريب مناله للخلاص من هذه الحرب المدمرة وإنهائها والتي سيتطلب معالجة آثارها المدمرة التي لحقت بأبين أرضا وإنسانا عقود من الزمن طالما أبناء أبين لم يوحدوا كلمتهم ونظرتهم تجاه ما يدور في أرضهم وكيفية الخلاص منه.. بالرغم من محاولتهم الايجابية، حيث كان لهم في ديسمبر الماضي وقفة ايجابية أكدت توحد كلمتهم ومطلبهم لفتح طريق عدن – أبين وتحقق ذلك بفضل الله وبفضل إرادتهم وبالمثل إرادة أبناء لودر حولت مدينتهم إلى مقبرة للإرهاب وأفشلت اقتحام الإرهاب لمدينتهم، ما أحوجنا لتلك الإرادة القوية اليوم وبدون تحريك أبناء أبين أنفسهم فإن الوضع لا شك سيستمر والقتل والدمار سيتواصل وعلى الجميع تدارس هذا الوضع المأساوي لتحديد الأساليب والطرق وأدوات الضغط على كافة الأطراف للكف عن استمرار هذه المسرحية الهزيلة التي طالت البشر والحجر وأحرقت الأخضر واليابس في أبين.
مدين مقباس
عام من القتل والتشرد وأبين تدفع فاتورة الحرب الغامضة 1809