في قمة الثماني التي إنعقدت في كامب ديفيد بالولايات المتحدة في النصف الثاني من شهر مايو تعهد الرئيس الأميركي بالعمل مع أوروبا لوضع برنامج يحقق التوازن بين النمو وخفض الديون في الوقت الذي يحاول فيه قادة العالم منع منطقة اليورو المتفاقمة من زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، حاول أوباما وقادة سائر الاقتصاد الكبرى إيجاد السبل لتهدئة الأسواق المالية بعد تراجع الأسهم العالمية لأدنى مستوياتها هذا العام جراء المخاوف بشأن المشاكل المصرفية في أسبانيا واحتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو.
الرئيس الفرنسي إقتراح استخدام صناديق أوروبية لضخ رؤوس أموال في البنوك الأسبانية، الأمر الذي يسرع جهود الانقاذ التي يضطلع بها الاتحاد الأوروبي وشغلت قضية الموازنة بين متطلبات النمو وجهود خفض الديون الحكومية عن طريق التقشف المالي جانباً مهماً من مباحثات مجموعة الثماني، وأنحا أوباما لموقف رئيس الوزراء الإيطالي والرئيس الفرنسي الجديد والداعي إلى زيادة التركيز على النمو،ويفرض هذا ضغوطاً على المستشارة الألمانية التي تدعو إلى التقشف المالي كأداة رئيسية لخفض مستويات الديون الضخمة التي تثقل كاهل اقتصادات أوروبا.
لقد سجلت الدول المؤيدة لسياسات النمو انتصاراً مزياً خلال قمة مجموعة الثمان التي عقدت في كامب ديفيد، حيث تم التأكيد على ضرورة أن يحظى النمو والتوظيف على الأولوية خلال الفترة المقبلة فيما أعتبر نكسة لجهود المستشارة الألمانية التي تدافع عن سياسات التقشف المالي وضرورة ضبط الموازنات.
آراء المستشارة الألمانية لم يتم الإصغاء إليها مع وصول قادة جدد في مجموعة الثماني مثل الرئيس الفرنسي الجديد ورئيس الوزراء الإيطالي، ميركل نفت وجود أي خلاف بين باريس وبرلين وأن الرسالة المهمة في القمة هي أن تعزيز الموازنات والنمو هما وجهان لعملة واحدة، وقادة دول مجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي اتفقوا بالكامل على القول إنه يجب القيام بالأمرين: ضبط الموازنة.. وفي الوقت نفسه بذلك جهود من أجل النمو.
بيان مجموعة الثماني لم يبد تأييداً لمواقف ميركل حيث عبر القادة عن تصميمهم على تشجيع النمو مع أخذ إجراءات في الوقت نفسه من أجل التصدي للعجز.. مشاكل اليونان السياسية والاقتصادية تصدرت جدول أعمال القمة وأذكت المخاوف بشأن زعزعة الاستقرار في أسبانيا وإيطاليا، بينما سعت مجموعة الثماني لتهدئة الأجواء.. في البيان الاقتصادي تم إقرار ضرورة الدعوات لتوسيع مدى الاهتمام ليتجاوز برامج التقشف المالي التي تساندها ألمانيا، حيث تم وصفه بالضرورة الملحة من أجل دعم النمو وتوفير فرص عمل.
وحرصاً على تهدئة مخاوف المستثمرين كان التأكيد على بقاء اليونان في منطقة اليورو مع الوفاء بالتزاماتها.
فيما يتعلق بالرئيس الفرنسي الجديد فإنه قبل بضع سنوات كان يعتبر مجموعة الثماني عديمة الجدوى، لكن بعد مشاركته فيها للمرة الأولى أبدى ابتهاجه بالتقدم الذي سجلته قيمة كامب ديفيد حتى أنه نسب لنفسه جزءاً مما توصلت إليه بشأن النمو، فخلال عام 2003م، وفيما كان يترأس الحزب الاشتراكي سخر هولاند من عدم جدوى هذه القمم الكبيرة التي تجمع تحت حماية قوات ضخمة من الشرطة قادة الدول الصناعية الكبرى الثماني، نادِ للأغنياء وأصحاب النفوذ يصدر أمنيات، لكن بعد تسع سنوات تم فوزه في الانتخابات الرئاسية، راجع الرئيس الفرنسي موقفه.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 15/5/2012م
2. الاتحاد الاقتصادي 20/5/2012م
3. الاتحاد الاقتصادي 21/5/2012م.
4. الاتحاد الاقتصادي 22/5/2012م.
د.علي الفقيه
قيمة مجموعة الثماني خيارات النمو والتقشف 1894