في هذه الأيام نسمع أصواتاً منتقدة في أكثر من وسيلة إعلامية توجه اتهاماتها لحزب التجمع اليمني للإصلاح بأنه تخلى عن مسار الثورة ونكس بالتزاماته تجاه تحقيق أهدافها التي تحمل تبعاتها من اعتصامات ومسيرات وتضحيات جسام لأكثر من عام ونصف وبمجرد أن بدأ حزب الإصلاح ومعه بعض القوى السياسية بعملية تقليص حجم ساحة الإعتصام في صنعاء من بعض الشوارع تخفيفاً لمعاناة سكان وقاطنين تلك الأحياء وتسهيلاً لحركة المرور واستجابة لمتطلبات اللجنة العسكرية المناط بها إعادة الأمن والاستقرار وتماشياً مع المبادرة الخليجية التي التزمت ببنودها قيادة حزب الإصلاح واللقاء المشترك المتحالف معهم سياسياً.
وتأتي خطوة رفع الخيام جزئياً من الشوارع بمثابة إبداء حسن نية من قبل أحزاب المشترك بقيادة الإصلاح ولكي تبرهن أن الاعتصامات والمسيرات هي وسيلة لتحقيق أهداف الثورة اليمنية وليست غاية وخاصة إذا ما علمنا أن معظم تلك الخيام التي تم رفعها هي لمعتصمين وشباب من شتى محافظات الجمهورية أستقدمهم حزب التجمع اليمني للإصلاح ضمن ائتلافات تمثل تلك المحافظات لكي يزيد تجمع المحافظات من زخم الثورة وقوة تواجدها في ساحة التغيير بصنعاء التي تعتبر القلب النابض لكل الساحات في شتى المدن اليمنية.
وبعد ما يقارب من مرور عام ونصف وبعد تحقق أهم أهداف الثورة المتمثل في رحيل رأس النظام السابق كان من الطبيعي أن تعود تلك المجاميع المعتصمة إلى محافظاتها لتصنع زخماً ووعياً شعبياً واسعاً للثورة السلمية وهي خطوة لا يسع كل قارئ لأحداث الثورة اليمنية منذ اندلاعها في 3 فبراير 2011م وحتى الآن إلا أن يشكر قيادات وأعضاء ومنتسبي حزب التجمع اليمني للإصلاح على هذا الصمود والتماسك القوي الذي قاد به الثورة ولا يزال منذ اندلاعها، فإذا كانت الخيام التي رفعت من شوارع الزراعة والعدل والدائري والجامعة القديمة وغيرها محسوبة على حزب الإصلاح فقط، فهذا دليل واضح على قوة هذا الحزب وتواجده في الساحة وفي الحياة السياسية والاجتماعية في كل محافظات اليمن.
ولا يعني تقليص حجم ساحة الاعتصامات بساحة التغير بصنعاء انتهاء الثورة دون تحقيق كافة أهدافها بدليل أن الجمعة التي أعقبة رفع تلك الخيام حملت أسم باقون في ساحاتنا حتى تحقيق كافة أهدافنا ولا يعد رفع عدد من الخيام لا يتجاوز 200 خيمة من إجمالي 8000 خيمة دليل إنهاء الاعتصامات قبل تحقيق الثورة لأهدافها بل أن ذلك يعد بادرة حسن نية للتعجيل بعملية التسوية السياسية التي تسعى الأطراف السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية على تحقيقها لإنهاء الأزمة وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها تجنباً لويلات الحرب الأهلية وإعادة الأمن والاستقرار لليمن.
ولا نستغرب أن نسمع الآن تلك الأصوات المهاجمة لحزب الإصلاح بشكل خاص وشركاءه من أحزاب المشترك بشكل عام من قبل وسائل الإعلام التابعة لبقايا النظام السابق التي تحاول زرع الخلافات داخل القوى السياسية المتبنية للثورة وعرقلة جهود وأعمال حكومة الوفاق الوطنية برئاسة الأستاذ: محمد سالم باسندوة وكذلك الجهود المبذولة من قبل الرئيس التوافقي المشير: عبدربه منصور هادي وقراراته في إعادة تعيين بعض قيادات القوات المسلحة والأمن وبالذات منهم من عائلة وأقارب الرئيس المخلوع صالح، وذلك في سبيل تحقيق أحد أهم أهداف الثورة وهو إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن ليكون ولاؤها للوطن والشعب وليس لأفراد أو عائلة
ولذلك كانت عملية تقليص ساحة الإعتصامات بصنعاء وإعادة ترتيبها خطوة إيجابية من قبل حزب الإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك ودليل على جديتهم بالسير بأهداف الثورة نحو تحقيق غاياتها،
وأما الجهات والقوى السياسية التي وقفت ضد عملية رفع بعض خيام المعتصمين، فأن حجم تواجدها الحقيقي في الساحة وفي الحياة السياسية يعكس مدى ضعفها وعدم مقدرتها على السير لتحقيق أهداف الثورة السلمية التي قادها ولا يزال حزب التجمع اليمني للإصلاح بشكل رئيسي وتحمل معظم تبعاتها وتضحياتها حتى الآن وحرص حزب الإصلاح على إشراك شركاءه من أحزاب اللقاء المشترك في كل خطوات الحوار السياسي دليل على مرونة وديمقراطية حزب الإصلاح وحرصه على إشراك كل القوى السياسية داخل الساحة اليمنية في عملية الحوار الهادف إلى إيجاد المصالحة الوطنية وإثبات أن الوطن يتسع للجميع وأن الثورة السلمية قد أتت أكلها واختارت الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها التي قامت من أجلها وأن الثورة اليمنية السلمية هي النموذج الفريد من نوعه مقارنة بثورات الربيع العربي وأن حزب التجمع اليمني للإصلاح وشركاءه أحزاب اللقاء المشترك والقوى السياسية المتحالفة معهم قد اختارت الخيار الأسلم لتحقيق أهداف الثورة.
مراد السعيدي
لماذا ينُتقد الإصلاح على إعادة ترتيب وضع الساحات ؟ 1687