في الثاني والعشرين من مايو المجيد عام1990م حين تحققت الوحدة سارت بموكب يتلألأ بالشعب والإنسان اليمني في الطريق الصحيح وتحقق لليمنيين ما كانوا يحلمون به من الوحدة والألفة وبدأ اليمنيون يعيشون جواً من الحب والاستقرار وتجمع الجميع على طاوله واحدة. واتفقوا على العيش معا. ورفعوا شعار اليمن للجميع.
لكن عندما تناسى البعض أن الوحدة هي الضمان الأساسي لأمن واستقرار اليمن ساروا في الاتجاه المعاكس ..فقد رأينا طوال الـ 33عاماً مشاهد غريبة، مشاهد بدأت نظام الفرد السلطوي يفرغ فيها الوحدة من مضمونها ويفرغها من محتواها ..وهذا يعني أن الوحدة قد سارت إلى الوراء وبدأت ترتفع دعوات الانفصال من هنا وهناك وبدأت عجلة القيادة تعود بطبيعة الحال إلى الثورة وهذا ما حدث في ربيع 2011م في 11فبرائر في اليمن وجاءت هذه الثورة أقصد بها ثورة الشباب السلمية الأخيرة >لتحمل عجلة القيادة وتعود بها في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الوحدة مرة أخرى (وحدة الأرض والإنسان ووحدة الهدف)بعيداً عن ثقافة الإقصاء والتفرد.
ولكن ومع هذا تزايدت دعوات الانفصال .وبدأ الترويج له في الداخل والخارج ..أضف إلى ذلك ظهور الثورة المضادة لثورة الشباب تحت مسميات واهية (جبهة إنقاذ الثورة نموذجا)تعمل علي تفريغ الثورة من مضمونها وإفراغها من محتواها.
وأمام هذا كله وقف الإصلاح سداً منيعاً في السابق ومعه رفاقه في المشترك في وجه دعوات الانفصال الداعية إلى فك الارتباط وتهديم الوحدة ..ويقف اليوم شباب الإصلاح ومن معهم من الشباب .جبالاً عاتية عصية على الانكسار والتراجع والتزحزح في مواجهة أعداء الثورة ودعاة إنقاذها الذين يرون الثورة عندهم مجرد ثوب يلبسه من يشاء وينزعه ممن يشاء، يفصله حسب مقاساته وتصوراتة يطوله هنا ويقصره هناك..
وعند الحديث عن الوحدة والثورة وما يهددهما من أخطار .لا يتردد التجمع اليمني للإصلاح في التأكيد علي موقفه المعلن في حماية الوحدة والثورة .والدفاع عنهما ..
وبرغم مرونة الإصلاح المعهودة في قضايا عدة إلا أنه يبدو عند هاتين النقطتين صلباً شديداً غير قابل للنقاش أو المساومة، فلا مجال للمجاملة أو المكايدة في أمر كهذا..وحتى لا يفهم البعض خطأ كما يروج له إعلام النظام السابق وأزلامه وفسافسته من دعاة الثورة المضادة أن الإصلاح في هاتين القضيتين يتبنى موقف النظام السابق والذي كان يردد في مناسبة أو غير مناسبة الوحدة أو الموة فإن مفهوم الإصلاح لحماية الوحدة نابع من إدراكه أن الخطر الذي يهددها سببه الفساد أولاً..ثم الانفصال ثانياً ..وأن وراء كل داع للانفصال ضل الطريق وجاهر بكلمة البهتان يقف فاسد متنفذ أجبره علي المجاهرة بالإثم وما تيار الانفصال في تعريف الإصلاح سوى ردة فعل متطرفة لتطرف وغلو تيار الفساد .وكلما توغل الفساد اكثر ارتفعت صيحات الانفصال أكبر وأكبر..وإذا كان حماية الوحدة من الانفصال واجباً، فحمايتها من الفساد أوجب ..ومن خلال هذا الفهم يحمل الإصلاح اليوم ومعه شركاؤه في المشترك لواء الدفاع عن الوحدة ..فا الوحدة ليست مجالاً للمزايدات ..ولا ميداناً لتصفية الحسابات..ولا هي تحويش أراض ..وامتصاص ثروات وهبات توزع على الآل والأتباع والموالين وفيد وأنفال للمنتصر إلى قيام الساعة ...ولاهي بالمقابل رغيف عيش ..وشربة ماء ..وفاتورة كهرباء ودواء..ورصف طريق ..وتولي مناصب ..كما يراها البعض ..ما لم يتحقق له ذالك فلتذهب الوحدة إلى الجحيم ..كلا وألف مليون كلا ..فاالوحدة في نظر الإصلاح قدر ومصير .وقاعدة لا استثتاءلها ..وأصل لا فرع له، فالوحدة وجدن لتبقى وتدوم ما دامت الحياة ..ولا حياة بدونها .وليس عجيبا أن يستقر المشهد على أرض الواقع بعد 22عاما من عمر الوحدة على هذه الأفهام الثلاثة لمعنى الوحدة ..وأمر طبيعي إن يتصدر التجمع إليمني للإصلاح قائمة المدافعين عن الوحدة والثورة ..وان يتولى على كاهله عبء حراستها .وان يجعله موقفه هذا في موضع اتهام من تيارات الفساد ..والعملاء لإيران ودعاة الانفصال ..فالوحدة متجذرة في الفكر الإصلاحي متغلغلة في منهجيته ..ومجسده في سلوكيات أفراده من قبل إن تولد الوحدة بقرار سياسي ..بل وقبل اتفاقيات طرابلس والكويت .فقد كانوا مؤسسو الإصلاح خليطاً من أبناء الشمال والجنوب وفي مقدمتهم المخلافي والبار، وآخرون غيرهم وبعد أن تأسست الحركة الإسلامية في شمال الوطن وجنوبه كان لها قياداتها ومرجعيتها الموحدة .وكان افرادها تربطهم وحدة فكرية.. ورابطة وجدانية تتجاوز براميل الشريجة وكرش وكل مظاهر التشطير القائمة آنذاك..
ويوم أعلنت الوحدة رفع الإصلاح الشعار (نعم للوحدة لا للدستور)ولم يكن يومها يهدف إلى تحقيق التعديلات الدستورية فحسب بقدر ما كان يهدف إلى توجيه رسالة إلى السلطة الانتقالية مفادها أن ثمة عيوباً وثغرات يجب سدها من الآن حتى لا تهدد الوحدة مستقبلا ولكن القوم كانوا منشغلين عن قرارات الرسالة وفهم محتواها بالتقاسم فلم يستبينوا الرشد إلى ضحى صيف 94لتبقى مواقف الإصلاح الوحدوية أكبر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر ولم يستوعبو الدرس آن ذاك، فعادت بعدها سلطة الفرد والحكم العائلي لممارسة ثقافة الاقصاء والتفرد ..والعودة لممارسة التصفية ألقائمة على أسس حزبية وقام بتدوير عجلة القيادة إلى الخلف مرة أخرى فظهرت نتيجة السياسة البلهاء دعوات الانفصال ..ولم يستيقظوا من نومهم ويصحوا من سباتهم ويعرفوا فداحة غرورهم وتجبرهم إلا في مساء الـ11من فبرائر 2011، ومازال الإصلاح الحصن الحصين وحامي حمى الثورة والوحدة والذائد عنها من تهبش المتهبشين ..وحقد الحاقدين ..ومكر الماكرين ..
وستبقى الوحدة والثورة ما بقيت في قلوب أبنائها الهمة العالية التي جعلتهم يضحون بأغلى ما يملكون في سبيل تحقيقها ..وستبقى الثورة والوحدة طالما وأن ثوار اليمن وفي مقدمتهم شباب الإصلاح يحملونها مشعل وعي في نفوسهم يضيئون به دروب المستقبل ويشقون من خلاله الطريق وسط الظلام الدامس الذي خلفه الماضي بكل خيباته ونتكاساته، فيارفاق النضال السير إلى النصر الأكيد ..وحماية الوحدة وبلوغ الثورة نصابها .ليس ادعاءً. ولكن من يرنو إلى معشقته(اليمن)بمستقبل بأبهى حله لا يغله المهر بصبر ومثابرة وثبات ..يتبعه نضره ثاقبة لتحليل الإحداث والشائعات والوحدة والثورة في غنى عن الذي يتلقى الأكذوبة بنظرة سطحية وفهم قاصر.... وهيا معا لتحقيق الأهداف من هيكلة وحوار ولن تخرق بوصلة وحدويتنا ..ولن تنهى ثورتنا مادام مرجعيتها الأهداف.. ولن نلتفت لكل ناعق من سدنة النظام البائد وفسيفساته ... ولو خفنا العصافير ما زرعنا الدخن.
عبد الوارث الراشدي
الوحدة والثورة 1901