لازال غول الفساد ينخر كل مرافق الدولة بلا استثناء إلى اليوم ،ذلك الفساد الذي سقطت دماء الشهداء من أجل إسقاطه والقضاء عليه،هاهو اليوم يعود وبشراسة وبلا استحيا بقناع جديد ومبرر،يلهف المكاتب والجيوب ،يعيش به أولئك الحمقى الذين لم يتعلموا معاني الوطنية والنظافة،الغريب في الأمر أن الفاسدين الجدد يلهفون مبالغ مخزية تعكس سقوطهم الأخلاقية وحماقتهم
هكذا ظل الوضع مخيباً لآمال اليمنيين، لم يتغير شيئاً مما كانوا يحلمون به، بل زاد سوءاً وتوحشاً من قبل النهابين والمتاجرين السابقين الباقين إلى اليوم، ولم يوجد من يردعهم أو يحاسبهم عن تصرفاتهم المقيتة ،كانت ثورة بجلاء وجدت من اجل العدالة وبناء وطن نظيف، المواطن تفاءل كثيراً بها وانضم إلى ساحتها ومسيراتها يهتف: ارحل ارحل، متحدياً المدرعات والرصاص بدون خوف،لكنه صدم عندما انتهت بالتسوية والمساومة ، عاد المواطن المشارك في الثورة العظيمة فوجد الحال أسوأ مما كان فساد مستشري وفوضى وعبث ،ومن كان قد تهاوى شجعته المبادرة والوفاق، لأن يستمر وبقوة وشرعية الموقعين على المبادرة التي عدلت أكثر من مرة.
الوضع أضحى غامضاً، والحال أصبح اليوم سيئاً في شتى المرافق ،وأجواء لا تبشر بأمل ،كل الأحلام التي توجها الشباب بثورتهم ،أحرقت مراحلها بفعل المساومة وتصرفات الساسة التي لا ترحم ،وجعلوا الوطن يعود إلى الوراء أعواماً، وتناسوهم واستبعدوا، ولا محل لهم في الحوار وأخواته، والكثير منهم باقون في الساحات لا يعلمون ما يجري سوى ما يقرأون، وآخرون غادروها حنقا ومللا من شعارات لم يتحقق منها إلا ما ندر
المتابع لما يجري يجد أن وضعا كله خراب،وقبيلة تسعى لأن تتسيد وتدعي أنها الثورة وجنرالات غدروا بل وألهوا الشباب عن حقيقتهم، فاسدو الأمس ثوار اليوم معادلة غير مقبولة ،فالجانب الأمني غاب ولم يستطيع أن يحمي نفسه وكلا يلعب بأوراقه ويحمي نفسه وجماعته،والمكاتب والمرافق الحكومية ينسفها الفساد ويدمر ما تبقى لها من هيبة، وهم مشغولون بحوار يتصارعون على حصص التمثيل يرفض ذا ويقبل ذاك وهكذا،حوار لا يعلم من أجل ماذا؟ولم يعد هناك أحد يراعي قدسية الوظيفة أو تسكنه الوطنية ولو للحظه من الوقت،ومن يتحدثون عن طهارة اليدين تجدهم السباقين للرشوة والنهب لجيوب أصحاب المعاملات ،والأفظع أن يكون في أروقة القضاء والأمن،أما العديد من النقابات والاتحادات ممن يطالبون بتسويات وعلاوات فقط يغنون للمال لا للوطن، ولو لم تحققوا مطالبنا اضربنا،والحكومة تخضع للمطالب، والمواطن "غلبان" وفقير يبقى في خبر كان ،تناسوا قيم العدالة وحق الفقراء في العيش الكريم ،وبدلا من أن يناضل من اجل مطلب شعبي يتجه لمطالب جزئية ومحدودة تتمثل بالقفز للرواتب الزهيدة ومن للغلبان إذاً؟
أجدني مجبراً، بل قد أكون محقاً في القول: إن الوطن يتجه إلى المجهول، وأمواج تجار الحروب والقنص تتقاذفه، وعصابات لا تستطيع البقاء إلا في ظل وضع كهذا هو الحال، والفرصة كانت للنظافة البلد والمرافق المتسخة لكنها اليوم زادت اتساخاً، وأدركت أن الفساد يتمدد، والثورة لم تنتصر ولم تصل إلى المرافق بعد تلك الفرصة الذي قد تنتج ثورة جيدة، لأن الثورة الأولى لم تكتمل بعد.
صالح المنصوب
الفساد يتمدد والثورة لم تصل إلى المرفأ بعد 1736