الإعداد الجيد للحوار اليمني، وعلى الأسس والقواعد السليمة، من شأنه أن يحقق تحولاً مهماً لعملية الحوار، وإخراجه من أتون المزايدات والمناكفات السياسية والإعلامية، الذي عانى منه هذا البلد كثيراً خلال الفترة الماضية، وإلى حدود أضرت بالتجربة الديمقراطية اليمنية، وجعلتها تبدو غير قادرة على التعامل الإيجابي مع الحوار كقيمة ديمقراطية، ومحك رئيسي يختبر من خلاله مدى قدرتها وفاعليتها على مواجهة التحديات المحدقة باليمن.
إن الارتكاز هنا على قيم ومُثل الحوار، وتجسيد كل ذلك في إطار إدارة حوار حيوية، من شأنها أن تمكنه من تجاوز كل المعوقات وبخطوات واثقة، باعتبارها المخرج الوحيد للحالة المزرية التي تعيشها البلاد جراء الأزمة، التي أثرت تداعياتها على كل جوانب الحياة اليمنية.
وإذا كانت عملية الإعداد والتهيئة للحوار الوطني تحقق اليوم خطوات إيجابية على طريق الهدف المنشود، فإن ذلك يعني أن الانخراط في عملية الحوار بات يمثل ضرورة ملحة، ينبغي على مختلف القوى والفعاليات الوطنية القيام بها، والتخلي عن كل ما من شأنه أن يضر بهذا الخيار وأهدافه النبيلة، ويهيئ له أرضية قوية وصلبة، تنطلق من خلالها مناقشة كل القضايا بآفاق رحبة ودون سقوف، ما يساهم في توفير المناخ الصحي المواتي لانعقاد الحوار، بمشاركة كل الأطراف، وبناء الثقة وتعزيزها بينهم، من أجل أن تتحقق المشاركة الكاملة والشاملة.
ويمكن القول إن إجماع القوى السياسية على إدانة الإرهاب والتطرف، من شأنه أن يفسح الطريق لبناء اصطفاف وطني ضد هذا الخطر الماحق، وصياغة استراتيجية وطنية شاملة لتجفيف منابعه، وصولاً إلى بلورة مشروع وطني شامل لتحديث الدولة والمجتمع في مختلف الميادين، على طريق الخروج من فجوة التخلف.
وفي أجواء التفاؤل بنجاح الحوار الوطني، فإن الحكومة مطالبة بتلبية متطلبات المواطن واحتياجاته، وتوفير الخدمات الأساسية له، وتحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام، إلا أن تثبيت دعائم الأمن والاستقرار يبقى في مقدمة الأولويات، ومن أهم الاحتياجات قبل أي شيء آخر، لأن الأمن والاستقرار هما حجر الزاوية والركيزة الأساسية التي تستند إليها كل الجوانب الأخرى، وفي غياب الأمن لا داعي للحديث عن حوار شامل.
رأي البيان
الحوار والمناخ الصحي لليمن 1817