ما أن وصل الرئيس الجديد إلى سدة الرئاسة في شهر مايو 2012م حتى انبرى لتطبيق سياسات ترمي إلى فرض المزيد الضرائب على الأغنياء فقد أوفى الرئيس الفرنسي بتعهده في الحملة الانتخابية الذي التزم فيها بجعل الأشخاص الأكثر ثراءً في المجتمع يدفعون ما يمكن أن يصل إلى 75% كضريبة للدخل.
ومع أنه من غير المتوقع أن تساهم الضريبة الجديدة في خفض العجز الفرنسي المتفاقم، إلا أنها راقت للاتحادات النقابية ومنتقدي الرئيس السابق ساركوزي لاستثنائه الأغنياء من الضرائب وتحميله ترشيد النفقات على الفقراء.
المستشارون الاقتصاديون للرئيس الفرنسي قللوا من مخاوف هروب الاستثمار إذا ما قامت الدولة بالخطوات اللازمة مثل خفض النفقات الحكومية وتحرير سوق العمل بالإضافة إلى إجراءات أخرى محفزة لقطاع الأعمال وبإنجازهم هذه التدابير يطمح مستشارو الرئيس إلى خفض نسبة البطالة التي وصلت في فرنسا إلى 10% دون المس بمكتسبات الفئات المهمشة في المجتمع.
زيادة الضرائب على الأغنياء يمثل في نظر العديد من المراقبين غطاءً سياسياً لخفض النفقات العامة التي يعارضها الفرنسيون، وتحرير سوق العمل حتى تصبح البلاد أكثر تنافسية مقارنة مع الدول المجاورة.
وقد سبق للبرلمان الفرنسي المصادقة على ضريبة تطال الممتلكات التي تتجاوز قيمتها "1.6" مليون دولار لتدر تلك الضرائب مجمعة حوالي "8.7" مليار دولار خلال سنة 2012م لن تكون الضريبة الجديدة على الدخل المحدد بـ75% والتي تستهدف الأغنياء بل ستتخذ طابعاً مؤقتاً إلى أن يعود التوازن إلى ميزانية الدولة.
الرئيس الفرنسي قدم صورة واقعية لما يترقبه الفرنسيون في إطار سعيه إلى إعادة النهوض بالوضع الاقتصادي الفرنسي، معلناً عن زيادات ضريبية بقيمة "20" بليون يورو وتتوزع على المؤسسات الإنتاجية والأفراد، هذا الرئيس بدد الصورة التي تناقلتها عنه وسائل الإعلام أخيراً بأنه غائب وعديم المبادرة حيال الأزمة الاقتصادية في ظل استطلاعات أشارت إلى تآكل سريع لشعبيته التي انخفضت إلى 44% بعد قرابة أربعة أشهر على توليه منصبه.
الرئيس الفرنسي أعلن أنه عازم على الإبقاء على التوجه الذي ردده على مدى حملته الانتخابية وهو النهوض بالوضع الاقتصادي وحدد لذلك أجندة لمدة سنتين لتطبيق سياسة مجدية من الإجراءات لتنشيط سوق العمل التي تشهد بطالة قياسية قاربت نحو 10% من اليد العاملة.. وهذه الأجندة تنص أيضاً على استعادة القدرة التنافسية للمنتجات الفرنسية وإصلاح الموازنة العامة التي تسجل عجزاً ومديونية.. والخطوات التي سوف يتخذها تتمثل في تحديد إصلاح سوق العمل وتمويل التقديمات الاجتماعية في الفترة التي تفصل عن نهاية السنة، بحيث تدخل حيز التطبيق بحلول عام 2013م، كما سيمضي في خفض العجز في الموازنة بمعدل 3% سنوياً وآلية تمويل عملية النهوض بالاقتصاد وتحقيق الإصلاح تتلخص في أنه في ظل نمو مرتقب لا يتجاوز نسبة 3% فإن الزيادة في الضرائب حتمية، والأعباء الضريبية الجديدة ستتوزع على المؤسسات الإنتاجية بحيث تؤمن عائدات بقيمة "10" بلايين يورو، وعلى الأفراد بحيث يؤمن المبلغ ذاته.
وتطبيق أحد وعود حملته الانتخابية والقاضي بفرض ضريبة نسبتها 75% على كل من تفوق عائداتهم مليون يورو سنوياً في شكل مؤقت لا يتجاوز السنتان وهما كافيتان لتحسين الأوضاع.
هامش:
الاتحاد العدد (13548) 8/8/2012م.
الاتحاد الاقتصادي 11/9/2012م.
الحياة العدد (18057) 11/9/2012م.
د.علي الفقيه
فرض ضرائب على الأغنياء في فرنسا 2111