يمكن الجزم بأن أسعار الغذاء العالمية اقتربت من المستويات التي بلغتها خلال أزمة 2008م، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" بأن هذه الأسعار قد ارتفعت في شهر سبتمبر من العام الحالي.
وتولدت مخاوف كثيرة من أن تتجدد الأزمة بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت الولايات المتحدة وتعتبر الأسوأ منذ أكثر من 50 عاماً، ودفعت أسعار الذرة وفول الصويا إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية، إضافة إلى الجفاف في روسيا ودول أخرى مصدرة في منطقة البحر الأسود.
مؤشر أسعار الغذاء الذي يقيس المتغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر سجل 216 نقطة في شهر سبتمبر وذلك بزيادة ثلاث نقاط على مستواه في شهر أغسطس، هذه الزيادة تعكس ارتفاع أسعار الألبان واللحوم مع زيادات للحبوب.
وهناك توقعات بانخفاض إنتاج الحبوب العالمي لهذه السنة بنسبة 0.4% إلى 2.286 بليون طن من 2.295 بليون، والسبب الرئيسي انخفاض محصول الذرة في وسط أوروبا وجنوب شرقها بسبب تضرره من الطقس الجاف.
خبراء الزراعة يشككون في أن تتوصل دول العالم إلى حل مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظل استمرار موجات الجفاف التي قادت إلى ارتفاع أسعار الذرة وبعض المحاصيل الأخرى.
ويلقى ارتفاع أسعار السلع، ثالث أكبر ارتفاع خلال السنوات الخمس الماضية، شكوكاً حول الزعم بالقائل أن التطورات الاقتصادية واسعة النطاق ستقود إلى فوائد مماثلة في قطاع الزراعة.
يرى بعض المحللين أن نقل تحسين الإنتاجية الزراعية من بلد إلى آخر من بين أصعب الأشياء التي يمكن القيام بها، وعلى الرغم من الأهمية التي تتميز بها الزراعة بالنسبة لرفاهية الشعوب ومعيشتهم، إلا أنها تبدو واحدة من القطاعات الاقتصادية المتخلفة خلال العقدين الماضيين، وهذا يعني أن مشكلة الجوع بدأت تطل برأسها مرة أخرى، وهو الشيء الذي حذر منه البنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى.
في القارة الإفريقية لا يزال نصيب الفرد من الإنتاج والسعرات الحرارية لا يبدو أفضل مما كانت عليه في مطلع ستينيات القرن الماضي، وبذلك تبدو مشكلة إطعام الشعوب الإفريقية قائمة.
ارتفاع الأسعار ينتج لحد كبير من عدم توفير البنية التحتية والشبكات التجارية المتطورة للحد الذي يمكن أن توفر فيه سوقاً تتسم بالمنافسة وقلة الأسعار، وربما يزيد الوضع سوءاً في حالة نجاح المشاكل الاقتصادية.
وتجلب طرق الزراعة المتبعة في الوقت الراهن مشاكل بيئية خطيرة تتضمن إمدادات المياه وانتشار الأسمدة واستخدام الطاقة، لكن تتميز الزراعة العضوية بعائدات أقل تتراوح نسبتها بين 34.5% اعتماداً على نوع المحصول وبعض العوامل الأخرى.
الثلاثي يتلاعب في تقاريره عن الجوع، حيث جاء في تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية أن زيادة الجوع في الفترة من 2007 إلى 2010م كانت أقل حدة عما كان يعتقد في السابق.
كما أشار تقرير عن حالة انعدام الأمن الغذائي في العام 2012م، إلى أنه لم تتسبب الأزمة الاقتصادية 2008-2009 في حدوث تراجع اقتصادي فوري حاد في كثير من الدول النامية مثلما كنا نخشى.
كانت (الفاو) أعلنت في 2009 عن تقدير مرتفع قياسي لعدد الجوعى في العالم عند 1.02 مليار، الأمر الذي أثار اهتمام العالم، لكنه في العام التالي خفضت توقعها إلى 925 مليون، والأرقام التي صدرت التي تم حسابها على أساس الأرقام المحدثة لعدد السكان والعوامل التي تم إغفالها في السابق مثل الهدر الغذائي في قطاع التجزئة –غيرت بصورة كبيرة الصورة الإحصائية للأعوام العشرين الماضية، فعلى سبيل المثال عدد الجوعى في الدول النامية في الفترة من 1990-1992م لم يكن 833 مليوناً مثلما قدرت (الفاو) العام الماضي، لكنه كان "980" مليوناً، أي 23.2% من السكان.
لكن في تحذير ضد التهاون في هذا الأمر أعاد رؤساء منظمة (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية إلى الأذهان حقيقة أن أكثر من 2.5 مليون طفل يموتون سنوياً، بينما أكثر من مائة مليون طفل يتأخر نموهم بسبب سوء التغذية.
كما حذرت الوكالات الثلاث من أن التقدم الشامل على صعيد مكافحة الجوع العالمي تباطأ أو ثبت منذ 2007، وحثت الحكومات على إنعاش النمو الاقتصادي.
هامش:
الحياة العدد (18081) 5/10/2012
الاتحاد الاقتصادي 23/9/2012
الاتحاد الاقتصادي 10/10/2012
د.علي الفقيه
أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً 1993