لقد كانت الثورة في خطر عام 1990م فجاءت الوحدة لإنقاذها.وأصبحت الوحدة في خطر عام 2011م فأتت الثورة لإنقاذها..والثورة اليوم في خطر ما لم تتحقق لها الوحدة الوطنية، فعندما تشاهد الطريق الطويل لمسيرة اليمن ما بعد ثورتي الـ26من سبتمبر والـ14من أكتوبر ستجد أن الثورة سارت بنا في طريق طويل نحو الوحدة وتحققت الوحدة في 22من مايو المجيد 1990م، هذا الطريق المؤدي إلى الصواب وإلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام..!ولكن عندما نريد أن نجرب العودة بعجلة الثورة إلى الوراء، منطلقين من محطة الوحدة وعائدين إلى الخلف لا شك أن العجلة ستحملنا إلى نقطة البداية وهي العودة إلى الثورة وهذا ما حدث في بلادنا بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر سارتا بموكب يتلألأ بالشعب والإنسان اليمني في الطريق الصحيح حتى تحققت الوحدة وتحقق لليمنيين ما كانوا يحلمون به من الوحدة والألفة وبدأ اليمنيون يعيشون جواً من الحب والاستقرار، فتجمع الجميع على طاولة واحدة واتفقوا علي العيش معاً.ورفعوا شعار اليمن للجميع.ومن هنا بدأ اليمنيون بالفعل يشعرون بثمار الثورة
لكن عندما تناسى البعض أن الوحدة هي الضمان الأساسي لجني ثمار الثورة..وساروا في الاتجاه المعاكس فقد رأينا مشهداً غريباً...!مشهداً بدا البعض يفرغ فيه الوحدة من مضمونها..ورأينا كيف سارت ممارسات الأطراف المختلفة بعد الوحدة.بدأ كل طرف يقصي الطرف الأخر من التواجد في موقعه وتقاسم الوزارات من القمة إلى القاعدة وإقصاء متعمد من قبل كل طرف للطرف الأخر
ورأينا وزارات داخل وزارات ورأينا تصفية حزبية في كثير بل في كل المرافق الحكومية على أسس حزبية بعيداً عن الكفاءة ورأينا أحزاباً وضعت على الهامش بكل بشاعة
ذلك يعني بكل بساطه تفكيك منظومة الوحدة وتفريغها من محتواها وإقصاء شبة تام للطرف المنتصر سواء على مستوى الشمال أو الجنوب أو على مستوى حزب المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك
ورأينا منهجية جديدة تقوم على أساس إقصاء الطرف المهزوم سواء بالحرب أو بالانتخابات وهذا يعني أن الوحدة الوطنية قد سارت إلى الوراء وبدأت عجلة القيادة تعود بطبيعة الحال إلى الثورة مرة أخرى...!وهذا ما حدث في ربيع 2011م في بلادنا.
فهل هذه الثورة (واقصد بها ثورة الشباب السلمية الأخيرة) ستحمل عجلة القيادة وتعود بها بالاتجاه الصحيح نحو تحقيق الوحدة مرة أخري وهذا عين ما ننتظره من مؤتمر الحوار الوطني (وحدة الأرض والإنسان ووحدة الهدف بعيداً عن ثقافة الإقصاء والتفرد والتهميش للآخر والعودة لممارسات التصفية القائمة على أسس حزبية والانطلاق نحو سيادة العدل والقانون وهيمنته على الحياة العامة في اليمن.
في رأيي ليس هناك سبيل إلى عودة الوحدة الحقيقية إلا الاستفادة من الدروس السابقة وعدم تدوير عجلة القيادة إلى الخلف مرة أخرى ويكفينا أننا وصلنا إلى هذه النقطة من الإنفلات بكل أنواعه، فيجب أن يتكاتف الجميع للتحرك نحو الأمام وبسرعة تسابق الزمن وهذا يتطلب منا أن نصفي نفوسنا وقلوبنا من حساسية الماضي وأن نؤمن بأننا فقط بالعمل معاً وبالوحدة فقط وتصحيح مسارها قولاً وعملاً سنسير إلى الأمام.
وهذه رسالة أوجهها إلى أحزاب التوافق الوطني بالذانه لابد من الاستفادة من الدروس وان لا تكرر نفس الأخطاء السابقة التي مورست من قبل النظام البائد ما دام أن هناك أخطاء جديدة ترتكب وأخطاء جديدة لم ترتكب بعد، كما قال أحد الفلاسفة، لأن المصلحة الوطنية لهذا الوطن تقتضي التجرد من المصالح والأهداف الشخصية والحزبية وتغليب مصلحة الوطن، فالوحدة والثورة أمانة في رقاب الجميع.
ودامت الوحدة والثورة بخير وكان الله في عون الجميع.
عبد الوارث الراشدي
الوحدة والثورة في خطر 1834