في العالم نوعان من الحكومات حسب طريقة الوصول إلى الحكم, حكومات انقلابية تصل إلى الحكم على ظهور الدبابات, وحكومات ديمقراطية تصل إلى الحكم بالطرق الدستورية.. أسلوب العمل يختلف بين النوعين, فالحكومات الانقلابية تعمل للأجل القصير وتصدر البلاغات والقرارات بسرية وتزيد أحداث التغيير بين عشية وضحاها بأسلوب الطزة أو الصدمة, أما الحكومة الدستورية فتعمل للأجل الطويل وتعطي نفسها وقتاً قبل اتخاذ قرار كبير وتعمل للتغيير التدريجي.
السبب الأساسي في اختلاف هذين السلوكين أن الحكومة الانقلابية لا تملك شرعية الاستمرارية, فتحاول أن تبني شرعية جديدة بتحقيق إنجازات سريعة ولو كانت جوفاء.
في حين أن الحكومة الديمقراطية مطمئنة لشرعيتها وتعتبر نفسها امتدادا, فتضطر للتخبط والخروج بمفاجآت وتهتم بالدعاية والإعلام, أما الحكومات الديمقراطية فتمثل الاستمرار في إطار الاستقرار والشرعية, وتمنح نفسها الوقت الكافي للدراسة قبل اتخاذها قرارات إحداث تغيير ومن الطبيعي أن يتهمها البعض بالتردد والبسط.. في أكثر الأحيان تأتي حكومة انقلابية ليس لديها برنامج أو خطة " AIMLESS" " بلا هدف ولا تدري ماذا تفعل وتتلمس طريقها وتنتقل من النقيض إلى النقيض, وتبدأ في كل مرة من نقطة الصفر, وتقوم بمبادرة بعد أخرى لتتخلى عنها قبل أن تعطي ثمارها.. على العكس من ذلك فإن حكومة ديمقراطية حزبية قد تتمتع بالديناميكية, لأنها تملك رؤية واضحة وبرنامجاً جاهزاً لتحقيقها, ولا تعطي نفسها وقتاً طويلاً للتعرف على المشكلات وصياغة حلول لها.. حكومة انقلابية تستطيع أن تصدر قانوناً في 24 ساعة وعلى من لا يعجبه القانون أن يشرب من ماء البحر أو يذهب إلى السجن.. وما إن ظهر الربيع العربي وجاءت دولة وحكومة جديدتان حتى لمسنا منها جميعاً أن انقلب الأمر على جميع وجوهه وأن تستشر ذوي العلاقة وان تتحاور مع القوى السياسية والاجتماعية بوضوح وصدق وصراحة وأن تأخذ وقتاً حتى يتم طبخ القانون, أي قانون, على نار هادئة حتى يحصل على أكبر قدر من التوافق.. كما حدث لرئيس الدولة ورئيس الحكومة وأعضاء مجلس الوزراء, ومن في حكمهم كله بالتوافق وكان هذا الشيء حدثاً عظيماً لصالح تقوية مسار المسيرة الديمقراطية والتنموية.
أحمد عبدربه علوي
نوعان من الحكومات 1788